ثم خاطب الله تعالى المكذبين بيوم الجزاء (يوم القيامة) على سبيل التهديد والوعيد والتوبيخ: فيقال لهم: كلوا من مآكل الحياة ولذائذها، وتمتعوا بخيراتها زمانا قليلا لمدة العمر الباقي، ثم تساقون إلى نار جهنم، لشرككم بالله تعالى، ولأنكم مجرمون. إنه عذاب لأولئك المشركين المكذبين بأوامر الله تعالى ونواهيه، وبما أخبرهم به ربهم أنه فاعل بهم.
وإذا أمروا بالصلاة لا يصلون، فهم يستكبرون عن طاعة الله تعالى، وهذا ذم على ترك الخشوع والتواضع لله، بقبول وحيه وأمره وتكليفه. وهلاك يوم القيامة ثابت للمكذبين بأوامر الله تعالى ونواهيه.
ومما يدعو للتعجب من صنيع الكفار: أنه إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن، وما اشتمل عليه من أدلة وجود الله وتوحيده وصدق نبيه صلّى الله عليه وسلّم، فبأي كلام بعده يصدقون؟ ففي القرآن كل ما يرشد إلى الخير وسعادة الدارين، وهو الكتاب الكامل الذي جميع فأوعى.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة، كان إذا قرأ: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فقرأ: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ؟ قال: فليقل: آمنت بالله وبما أنزل.
ألا إن الضالين الكافرين لا ينتفعون بمواعظ القرآن وحكمه البالغة، ولا يهتدون بنوره، وأما المتقون فهم المتدبرون لكلام القرآن، الملتزمون بهديه ونوره.