تكرر في القرآن الكريم إيراد الأدلة الدالة على وجود الله تعالى، ومن أدل الأدلة والبراهين: إبداع السماوات والأرضين، وخلق الإنسان والحيوان، واختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، وإنزال المطر سبب الرزق، وتقليب الرياح في الجهات الأربع، فمن أراد أن يؤمن كفاه ذلك، ومن عاند واستكبر، فلا يجد بعد بيان الله وآياته وهو القرآن، ما يرشده إلى الإيمان بربه، وهذا ما نجده بيّنا في الآيات الآتية، في مطلع سورة الجاثية:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (?) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (?) إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (?) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4)
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)
«1» «2» «3» [الجاثية: 45/ 1- 6] .
افتتحت السورة (الجاثية) المكية بالاتفاق بالحروف المقطّعة، للتنبيه لما يأتي بعدها، ولتحدي العرب بالإتيان بمثل آيات القرآن، ثم أخبر الله تعالى: بأن هذا القرآن تنزيل قاطع من الله القوي الغالب الذي لا يقهر، المحكم للأشياء. فقوله تعالى:
الْعَزِيزِ معناه عام في شدة أخذه إذا انتقم، ودفاعه إذا حمى ونصر، وغير ذلك.