لم يقتصر القرآن الكريم على تهديد الكافرين والمشركين بعذاب الهوان والإذلال في الدنيا، وإنما جاء التهديد فيه بعذاب القيامة الذي هو أشد وأنكى، وأدوم وأبقى، ووصف الله هؤلاء المهددين بأنهم أعداء الله، أي الكفار المخالفون لأمره، وذلك ليكون التهديد أتم في الزجر والتحذير، وحمل المعادي على الصلاح والاستقامة، والرشد والهداية، ومن هدّد أو أنذر فقد أعذر، ولم يبق مجال للوم والندم، ومحاولة العدول عن الشر والضلال، في يوم لا ينفع فيه الندم، ولا يقبل فيه الإيمان والصلاح، وهذا ما أبانته الآيات الشريفة:
وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (23)
فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (25)
«1» «2» «3» «4» «5» [فصلت: 41/ 19- 25] .
المعنى: واذكر أيها النبي لقريش حال جمع الكفار الأعداء: وهم المخالفون لأمره، وسوقهم بعنف في يوم القيامة إلى النار، فهم يوزعون، أي يكفّ ويحبس أولهم على