وهو المشاهد المعاين لها، وهو القوي الغالب القاهر، الرحيم التام الرحمة بعباده المؤمنين الطائعين التائبين. والرحيم: الراحم غيره، والرحمن: صفة لذات الله تعالى مختص بها لا يسمى بها أحد غيره.
والمدبر للأمور كلها هو الذي أحسن خلق الأشياء وأتقنها وأحكمها، وبدأ خلق الإنسان آدم من طين، والطين من ماء وتراب، ثم جعل الله ذرية الإنسان يتناسلون من امتزاج سلالة متكونة من ماءي الرجل والمرأة، وهو ماء ضعيف: وهو النطفة.
والسلالة: ما استل من الشيء، والنطفة: سلالة الإنسان.
ثم بعد خلق الإنسان من تراب، جعله الله سويا مستقيما، فقوّم أعضاءه، وعدّلها وأتمها، ونفخ فيه الروح التي هي من أمر الله، ولا يعرف حقيقتها إنسان، وأنعم الله على الإنسان بالحواس المختلفة ليتعايش تعايشا سليما مع محيطه، وهي حواس كثيرة، منها السمع الذي تسمع به الأصوات، والبصر الذي تبصر به المرئيات، والعقل أو الفؤاد الذي يتم به التفكير والوعي والإدراك، والتمييز بين الحق والباطل، وبين الخير والشر.
لكنكم أيها الناس لا تقابلون هذه النعم بالوفاء والشكر والتقدير، وإنما تشكرون ربكم شكرا قليلا على هذه النعم التي رزقكم الله تعالى، والشكر: لا يكون باللسان فقط، وإنما باستعمال الحواس في طاعة الله ومرضاته.
لقد تلوثت عقائد الوثنيين بأمور ثلاثة: الشرك بالله بأن يعبدوا معه إلها آخر، وإنكار النبوة والوحي المنزل على قلب النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإنكار البعث أو اليوم الآخر، فتصدى القرآن الكريم لهذه المواقف الباطلة، فأثبت لهم توحيد الله من خلال قدرته