- ومن جاء بالسيئة: وهي الكفر والمعاصي، ممن استحق العذاب باختياره، وحتّم الله تعالى عليه دخول النار، أي من كان كافرا عاصيا في الدنيا، فيلقى في النار على وجهه، وإذا كبّت الوجوه في النار، فسائر البدن أدخل النار، إذ الوجه موضع الشرف والحواس، فهل هذا إلا جزاء عملكم في الدنيا أيها المنحرفون من شرك ومعصية؟ إنكم أيها العصاة الكفرة لا تجزون إلا بما يتّفق مع العدل والحق، وهو جزاء أعمالكم الصادرة عنكم في الدنيا.
إن هذا المصير المحتوم يقتضي من الناس أن يكونوا إما على أهبة واستعداد بالإيمان وعمل الصالحات، حتى يدخلوا دار السعادة والسلام وهي الجنة، وإما أن يكونوا على حذر وخوف من الشرك بالله والكفر به، وإنكار وحدانيته، وترك الفرائض، وعصيان الأوامر، فيكونوا من أهل النار دار الخلود بالعذاب، ودار الانتقام والبقاء فيها. ومصير هذين الفريقين قائم على محض الحق والعدل، والمنطق، وإنصاف الخلائق.
ختمت سورة النّمل بخاتمة عظيمة، تدلّ على مغزى إيجاد الخلق الإنساني، ألا وهو عبادة الله وحده، وترشد إلى طريق الهداية القويمة، ألا وهي تلاوة القرآن العظيم وتدبّر آياته، والاستضاءة بتوجيهاته في العقيدة والعبادة، والآداب والحياة الإنسانية بكل سلوكياتها وأبعادها ومناهجها، ويجمعها كلّها منهج الإسلام وعطاؤه للبشرية في كل زمان ومكان. وبعد هذا البيان الشافي، من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن زاغ وانحرف وضلّ عن السبيل القويم، فضلاله على نفسه، ووباله على حاله، وقد أدى نبي الله الرسالة، وبلّغ الأمانة، وبشّر وأنذر، ورغّب وحذّر، ولم يبق للناس عذر بالجهل أو الاشتباه. قال الله تعالى مبيّنا هذه التوجيهات: