لا تفرقة في أصول التشريع الإسلامي وإعطاء فرص العمل بين الرجال والنساء، فللمرأة أن تنافس الرجل وتسبقه في ميدان القربات إلى الله تعالى، والمبادرة إلى العمل الصالح والقول الفاضل، وكم شهد التاريخ الإسلامي مواقف، مشاهد مشرفة وسبّاقة للمرأة، تميزت بالوعي والحكمة، وإدراك آفاق المستقبل، واستطاعت بها المرأة أن تثبت جدارتها، وتفوّقها أحيانا على الرجال في النواحي الاجتماعية، فاستحقت بهذا بطاقة سامية من الحب والتقدير، والوفاء والجزاء الحسن في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى مبينا مبدأ تساوي النّساء والرجال، في مجالات العمل البنّاء الطيب:
مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (97)
[النّحل: 16/ 97] .
العمل الصالح: يشمل جميع أعمال الطاعة والخير والإحسان، وهو في ميزان الثواب والحسنات والجزاء الأخروي لا ثمرة له ولا قيمة من دون تقييده بالإيمان، أي التصديق بالله وملائكته وشرائعه المنزلة على أنبيائه ورسله وكتبه، وباليوم الآخر المنتظر للحساب والجزاء، وبالقدر خيره وشره، فإذا لم يقترن العمل الصالح بالإيمان بأركانه المذكورة، لم يحقق الأثر الخالد والمنزلة الحسنة في عالم الآخرة.
وهذه الآية وعد صريح من الله تعالى بالحسنى والمنزلة الكريمة في الآخرة لمن عمل صالحا، سواء أكان ذكرا أم أنثى، والعمل الصالح: هو المطابق لكتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، بأداء الفرائض، والمندوبات، وفعل الخير، وكان قلب العامل مؤمنا بالله ورسوله.
ويكون الجزاء لمن آمن وعمل صالحا في الدنيا هو الحياة الطيبة: وهي التي تشمل