الله صلّى الله عليه وسلّم ومشركي قريش في مكة المكرمة: حال قائمة على الصّراع الحادّ والتّحدي، كما وصف الله في الآيات التالية:
كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (30) وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (31) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (32)
«1» «2» «3» «4» [الرّعد: 13/ 30- 32] .
لقد أبان الله تعالى في هذه الآيات قيمة وأهمية إرسال النّبي صلّى الله عليه وسلّم وقيمة ما أرسل به وعظمة القرآن الكريم المنزل عليه، فمثل ذلك الإرسال للأنبياء السابقين أرسلناك أيها الرسول محمد إرسالا له شأن وفضل على سائر الإرسالات، كما قال الزمخشري، ومهمتك في هذا الإرسال واضحة، أرسلناك بكتاب تبلّغه للناس وتقرؤه عليهم، كما أرسلنا رسلا إلى أمم من قبلك، ولما كذّب الرّسل، انظر كيف نصرناهم وجعلنا العاقبة لهم، ولأتباعهم في الدنيا والآخرة. وأما المرسل إليهم فكانوا يكفرون بالرّحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، لا يقرّون به، ولا يشكرون نعمه وفضله، وأخطر ما يقولون: إن لله شريكا، فكان الرّد المأمور به عليهم: قل لهم أيها الرسول: إن الرّحمن الذي تكفرون به، أنا مؤمن به معترف، مقرّ له بالرّبوبية والألوهية، فهو متولّي أمري وخالقي، لا إله غيره ولا معبود سواه، توكّلت عليه في جميع أموري، وفوّضتها إليه، وإليه أرجع وأنيب، فإنه لا يستحقّ ذلك أحد سواه.