الرياسات والزعامات. والظالمون: هم متقرفو المنكر، تاركو المعروف. قال الله تعالى مبيّنا هذين السببين:
فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)
«1» «2» «3» «4» [هود: 11/ 116- 119] .
حضّ الله بكلمة فَلَوْلا التي هي للتحضيض والحثّ على الفعل على وجود جماعة من الأقوام والجماعات الماضية التي أهلكها الله بسبب ظلمها، يتصفون برجاحة العقل والرأي، والبصيرة والخير، والحزم والثبات في الدين، ينهون أقوامهم عما كان يقع منهم من فساد في الأرض، وهو الكفر وما اقترن به من المعاصي.
والآية تنبيه لأمة محمد وحضّ على تغيير المنكر، والنّهي عن الفساد.
ثم استثنى الله تعالى القوم الذين نجاهم مع أنبيائهم، وهم قليل بالإضافة إلى جماعاتهم، أي لكن قد وجد قليل من المصلحين، نهوا عن الفساد في الأرض. وهذا كما يقول اللغويون: استثناء منقطع.
والأكثرية هم الظالمون الذين اتّبعوا أنفسهم وشهواتهم، وما أترفوا فيه من نعيم وعزة وسلطان. والمترف: الذي أبطرته النعمة وسعة العيش. والذين ظلموا: هم تاركو النهي عن المنكر. واتّباعهم التّرف: اشتغالهم بالشهوات والمال واللذات