قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ.
وفي حجج الوحى وبيان مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم وأن الرسالة لا تنافى البشرية وفي إيمان الرسول بدعوته واعتماده فيها على الله، وعدم اكتراثه بهم، أو انتظار الأجر منهم يقول.
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً؟ قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ.
قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ.
قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
وفي وعيدهم على التكذيب يقول: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ.
هذان الأسلوبان: (هو كذا) و (قل كذا) قد تناوبا معظم ما تضمنته هذه السورة من الحجج وقضايا التبليغ، وهما وإن جاءا في غيرها من سور القرآن إلا أنهما وخاصة الأسلوب الثاني وهو أسلوب (قل كذا) لم يوجد في غيرها بهذه الكثرة التي نراها في هذه السورة، وهما بعد ذلك:
أسلوبان من أساليب الحجة القوية التي تدل على قوة المعارضين وإسرافهم في المعارضة، وأنهم بحالة تستوجب تلك الشدة التي تستخرج الحق من نفوسهم..
ويدل الأسلوبان من جهة أخرى على أنهما صدرا في موقف واحد، وفي مقصد واحد، لخصم واحد بلغ من الشدة والعتو مبلغا استدعى من القوى القاهر تزويد المهاجم بعدة قوية تتضافر أسلحتها في حملة شديدة يقذف بها في معسكر الأعداء فتزلزل عمده، وتهد من بنيانه فيخضع للتسليم بالحق الذي يدعى إليه.
ومن هنا كانت سورة الأنعام بين السور المكية، ذات شأن كبير في تركيز الدعوة الإسلامية، تقرر حقائقها، وتفند شبه المعارضين لها، واقتضت لذلك الحكمة الإلهية أن تنزل- مع طولها وتنوع آياتها- جملة واحدة وأن تكون ذات امتياز خاص لا يعرف لسواها كما قرره جمهور العلماء اهـ (?) .
وبعد: فهذا تمهيد بين يدي تفسير سورة الأنعام، تعرضنا خلاله لبيان مكان نزولها، ولبيان الفترة الزمنية التي نزلت فيها، ولطبيعة هذه الفترة، ولسبب تسميتها بهذا الاسم، ولمناسبتها للسور التي قبلها، وللأهداف الإجمالية التي اشتملت عليها، ولجانب من فضائلها ومزاياها.