وعقل واع، وإيمان ثابت» (?) .
قال القرطبي: وقد أجمع العلماء على أن التعوذ ليس من القرآن ولا آية منه، وهو قول القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (?) .
والآن وبعد هذا التمهيد الموجز الذي تكلمنا فيه عن نزول سورة الفاتحة، وعن عدد آياتها، وعن أشهر أسمائها، وعن بعض الأحاديث التي وردت في فضلها نحب أن نبدأ في تفسير السورة الكريمة فنقول- وبالله التوفيق-:
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» الاسم: اللفظ الذي يدل على ذات أو معنى. وقد اختلف النحويون في اشتقاقه على وجهين، فقال البصريون: هو مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم، لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.
وقال الكوفيون: إنه مشتق من السمة وهي العلامة، لأن الاسم علامة لمن وضع له، فأصل اسم على هذا «وسم» .
ويرى المحققون أن رأى البصريين أرجح، لأنه يقال في تصغير «اسم» سمى، وفي جمعه أسماء، والتصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها. ولو كان أصله وسم- كما قال الكوفيون- لقيل في جمعه: أوسام، وفي تصغيره وسيم.
ولفظ الجلالة وهو «الله» علم على ذات الخالق- عز وجل- تفرد به- سبحانه- ولا يطلق على غيره، ولا يشاركه فيه أحد.
قال القرطبي: قوله «الله» هذا الاسم أكبر أسمائه- سبحانه- وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن ولم يجمع: فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهية، المنعوت بنعوت الربوبية، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو- سبحانه-» .
والرَّحْمنِ الرَّحِيمِ صفتان مشتقتان من الرحمة. والرحمة في أصل اللغة: رقة في القلب تقتضي الإحسان، وهذا المعنى لا يليق أن يكون وصفا لله- تعالى- ولذا فسرها بعض العلماء بإرادة الإحسان. وفسرها آخرون بالإحسان نفسه.