ومما قاله الفخر الرازي في ذلك: واعلم أن هذه الوجوه- أى التي احتج بها النحويون في تضعيف قراءة حمزة- ليست وجوها قوية في رفع الروايات الواردة في اللغات وذلك لأن حمزة أحد القراء السبعة، ولم يأت بهذه القراءة من عند نفسه، بل رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك يوجب القطع بصحة هذه اللغة، والقياس يتضاءل عند السماع لا سيما بمثل هذه الأقيسة التي هي أوهن من بيت العنكبوت.

وأيضا فلهذه القراءة وجهان:

أحدهما: أنها على تقدير تكرير الجار. كأنه قيل: تساءلون به وبالأرحام.

وثانيهما: أنه ورد ذلك في الشعر ومنه:

نعلق في مثل السواري سيوفنا ... وما بينها والكعب غوط نفانف

ثم قال: والعجب من هؤلاء النحاة أنهم يستحسنون إثبات هذه اللغة بمثل هذه الأبيات المجهولة، ولا يستحسنون إثباتها بقراءة حمزة ومجاهد، مع أنهما كانا من أكابر علماء السلف في علم القرآن» (?) .

هذا، وهناك قراءة بالرفع. قال الآلوسى: وقرأ ابن زيد وَالْأَرْحامَ بالرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر. أى والأرحام كذلك أى مما يتقى لقرينة اتَّقُوا. أو مما يتساءل به لقرينة تَسائَلُونَ (?) .

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بما يحمل العقلاء على المبالغة في تقوى الله، وفي صلة الرحم فقال- تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. أى حافظا يحصى عليكم كل شيء. من رقبه إذا حفظه.

أو مطلعا على جميع أحوالكم وأعمالكم، ومنه المرقب للمكان العالي الذي يشرف منه الرقيب ليطلع على ما دونه.

وقد أكد- سبحانه- رقابته على خلقه، واطلاعه على جميع أحوالهم بأوثق المؤكدات. فقد أكد- سبحانه- الجملة الكريمة بإن، وبتكرار لفظ الجلالة الذي يبعث في النفوس كل معاني الخشية والعبودية له، وبالتعبير بكان الدالة على الدوام والاستمرار، وبذكر الفوقية التي يدل عليها لفظ عَلَيْكُمْ إذ هو يفيد معنى الاطلاع الدائم مع السيطرة والقهر، وبالإتيان بصيغة المبالغة وهي قوله: رَقِيباً أى شديد المراقبة لجميع أقوالكم وأعمالكم فهو يراها ويعلمها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015