قال رحمه الله 1: 64: "فكان تصحيح ما في حديث ابن عباس، وما في حديث صفوان في ذلك، إنما في حديث صفوان؛ هو على الآيات التي تعبدوا بها، وكان ما في حديث ابن عباس؛ هو الآيات التي أوعدوا بها وخوفوها وأنذروا بها إن لم يعملوا ما تعبدوا به، ما قد بينه لهم على لسان رسوله عليه السلام، فصح ذلك ما في الحديثين جميعًا، وعقلنا عن رسول الله عليه السلام أن مراده بما في أحدهما غير مراده بما في الآخر منهما، والله نسأله التوفيق".
ثم أورد سؤالًا عن أيٍّ من المعنيين هو المراد بالآية: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}؟.
فقال 1: 64: "وسأل سائل فقال: فيما قد رويته عن ابن عباس، وعن صفوان -رَضِيَ الله عَنْهُ-؛ ما قد وقفنا به على أن الله تعالى قد كان آتى نبيه موسى عليه السلام ثماني عشرة آية، في كل واحد من الحديثين اللذين رويتهما منه: تسع آيات، وإنما في الآية التي ذكرت هذين الحديثين من أجلها إيتاؤه إياه تسع آيات، وهي قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} ولم يذكر فيها من الآيات أكثر من ذلك، فالحاجة بنا من بعد إلى الوقوف على التسع الآيات المذكورات فيها ما هي قائمة".
ثم أفاض في الجواب عن هذا الإيراد، ورجح أن المراد ما جاء في حديث صفوان -رَضِيَ الله عَنْهُ-.
ينظر: (شرح مشكل الآثار) 1: 55 - 66، أو ترتيبه (تحفة الأخيار) 8: 403 - 413.
وقد ذكر القولين في الآية: شيخُ المفسرين الإمامُ الطبري رحمه الله، ولم ينص على الترجيح، لكن ظاهر كلامه يدل على أنه يختار فيها ما جاء عن ابن عباس -رَضِيَ الله عَنْهُ-، وذلك أنه قال في تفسير الآية بعدها - {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} - ما نصه: "تأويل الكلام: قال موسى لفرعون: {لَقَدْ عَلِمْتَ} يا فرعون، {مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ} الآيات التسع البينات، التي أريتكها حجة لي