موسى وكلمه بها ليلة القدر بعدما خرجوا من ديار مصر، وشعب بني إسرائيل حول الطور حضور، وهارون ومن معه وقوف على الطور أيضًا، وحينئذ كلم الله موسى تكليمًا، آمرًا له بهذه العشر كلمات، وقد فسرت في هذا الحديث، وأما التسع الآيات؛ فتلك دلائل وخوارق عادات، أيد بها موسى عليه السلام، وأظهرها الله على يديه بديار مصر، وهي: العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والجدب ونقص الثمرات".
وقال السندي في حاشيته على مسند أحمد -بواسطة المسند المحقق 35: 15 - : "المراد في الآية إما الأحكام، فلا إشكال في الحديث، أو المعجزات، فالجواب غير مذكور في هذا الحديث، تركه الراوي لأمر، والمذكور زائد على الجواب ذكره لهما نصحًا".
هذا وقد وعقد الإمام الطحاوي رحمه الله بابا مستقلًا لهذه المسالة، فقال في (شرح مشكل الآثار) 1: 55: "باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله عليه السلام، ثم عن ابن عباس، مما يحيط علمًا أنه لم يقله إلا بأخذه إياه عنه، إذ كان مثله لا يوجد إلا عنه، ولا مما يدرك بالرأي، ولا من استنباط، ولا من استخراج في التسع الآيات التي أوتيها موسى عليه السلام"، وأفاض في الكلام على هذه المسألة في ثنتي عشرة صفحة، وحاصل ما ذكره أنه يرى أن الآيات التي أوتيها موسى عليه السلام على قسمين:
1 - آيات عبادات، وعليها يحمل حديث الباب، واستدل على مجيء الآيات بمعنى العبادات بقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: 10].
2 - آيات إنذارات وتخويفات ووعيدات، وعليها يحمل ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وغيره من السلف.