قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].
(73) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: لما نزلت هذه الأية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} شق ذلك على الناس، وقالوا: يا رسول الله، فأينا لا يظلم نفسه؟! قال: (أنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، إنما هو الشرك).
أخرجه البخاري (3429) في أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} (لقمان: 12)، و (4776) في تفسير القرآن: باب لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم، و (6918) في استتابة المرتدين: باب إثم من أشرك بالله .. إلخ، و (6937) فيه: باب ما جاء في المتأولين، ومسلم (124) في الإيمان: باب صدق الإيمان وإخلاصه، والترمذي (3067) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأنعام، وأحمد 1: 378، 424، 444، كلهم من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- .. فذكره. واللفظ لأحمد في الموضع الأول.
تفسير الظلم في الآية بالشرك مذهب عامة السلف تمشيا مع الحديث الصحيح الصريح، لكن من العجب قول الزمخشري في (الكشاف) 2: 41: " {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} أي: لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم، وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس".
وقد تعقبه أبو حيان في (البحر المحيط) 4: 571 فقال: "وهذه دفينة اعتزال، أي إن الفاسق ليس له الأمن إذا مات مصراً على الكبيرة .. وقد فسره الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالشرك فوجب قبوله".
*****