وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ أي وإن هذا القرآن في اللوح المحفوظ عندنا رفيع القدر، عالي الشأن في البلاغة والإرشاد وغير ذلك (?) ، عظيم الشرف والمكانة، ذو حكمة بالغة، ومحكم النظم لا يوجد فيه لبس واختلاف ولا تناقض، كما قال تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ [الواقعة 56/ 77- 80] وقال سبحانه: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ، فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ، مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرامٍ بَرَرَةٍ [عبس 80/ 11- 16] (?) .
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ؟ أي أنترككم دون إنذار، ونطوي عنكم القرآن طيا دون تذكير، ولا وعظ ولا أمر ولا نهي، لأنكم قوم منهمكون في الإسراف، مصرّون على الشرك؟ لا نفعل ذلك لطفا ورحمة منا بكم، فلا نترك دعوتكم إلى الخير وإلى الذكر الحكيم وهو القرآن، وإن كنتم مسرفين معرضين عنه، بل نأمر به ليهتدي المهتدون في قدر الله وعلمه، وتقوم الحجة على الأشقياء (?) .
ثمّ سلّى الله رسوله عما يلقاه من صدود قومه، فقال:
وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ كَمْ: هنا خبرية، أي ما أكثر ما أرسلنا من الأنبياء في الأمم السابقة، فكذبوهم، كما قال تعالى:
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أي وما أتاهم من نبي ولا رسول إلا كانوا به يكذبون ويسخرون، كتكذيب قومك واستهزائهم بك.