فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً أشد من قومك قوة وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ أي سبق وسلف في آيات الله بيان قصتهم العجيبة وإهلاكهم، فكذلك يكون قومك مثلهم، والآية وعد للرسول، ووعيد لهم بمثل ما جرى على الأولين.
يريد الله تعالى أن يؤكد كون القرآن بلغة العرب، مما يقتضي إيمان العرب قاطبة به، فهم أقدر الناس على فهمه وإدراك معانيه، ويؤكد أيضا أن القرآن كلام الله ومن عنده، فهو محفوظ مصون في اللوح المحفوظ، وليس من عند محمد صلّى الله عليه وسلّم كما تزعمون، وأن الإعراض عنه لا يكون سببا لترك تذكيرهم به، فضلا من الله ونعمة ورحمة، وليعتبروا بمصائر أمثالهم من الأمم التي أهلكها الله.
حم. وَالْكِتابِ الْمُبِينِ تقدم بيان المراد من حم. ثم يقسم الله بالقرآن نفسه البيّن الواضح الجلي المعاني والألفاظ، المبين طريق الهدى وكل ما يحتاج إليه الناس في الدنيا والآخرة.
إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أي إنا أنزلنا هذا القرآن بلسان العرب أو اللغة العربية التي هي أفصح اللغات للتخاطب بين الناس، وقد جعلناه بلغة العرب فصيحا واضحا، لتفهموه أيها العرب، وتتدبروا معانيه، كما جاء في آية أخرى: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء 26/ 195] .
والآية جواب القسم، وهو من الأيمان الحسنة البديعة لتناسب القسم والمقسم عليه وكونهما من واد واحد. ولعل: للتمني والترجي وهو لا يليق بمن كان عالما بعواقب الأمور، فكان المراد هاهنا كما ذكر الرازي وغيره: أنزلناه قرآنا عربيا لكي تعقلوا معناه، وتحيطوا بفحواه.
هذا في الأرض، وأما في السماء فقال تعالى: