الذكور من الناس، وهو كناية عن وطء الرجال، وكانوا يفعلون ذلك بالغرباء، وسماه الله تعالى فاحشة، فقال: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ [الأعراف 7/ 80] وتتركون إتيان نسائكم اللاتي جعلهن الله للاستمتاع الطبيعي بهن، كما قال تعالى: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة 2/ 222] .
بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ أي لكن أنتم قوم متجاوزون الحد في الظلم وفي جميع المعاصي، ومنها هذه الفعلة الشنيعة.
وقوله: بَلْ إضراب، بمعنى الانتقال من شيء إلى شيء، لا أنه إبطال لما سبق من الإنكار عليهم وتقبيح أفعالهم. والمراد: بل أنتم أحق بأن توصفوا بالعدوان، حيث ارتكبتم مثل هذه الفاحشة.
ولما نهاهم عن هذا الفعل القبيح توعدوه وهددوه:
قالُوا: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي قال قوم لوط له:
لئن لم تنته عن دعواك النبوة، وعن الإنكار علينا فيما نأتيه من الذكور، وهو ما جئتنا به، لنطردنك وننفينك من هذه البلدة التي نشأت فيها، ونبعدنك من بيننا، كما أبعدنا من نهانا قبلك، كما قال تعالى: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا: أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ، إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ [النمل 27/ 56] .
فأجابهم بأن إبعاده لا يمنعه من الإنكار عليهم والتبرؤ منهم لما رأى أنهم لا يرتدعون عما هم فيه، وأنهم مستمرون على ضلالتهم، فقال:
إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ أي إني من المبغضين بغضا شديدا لعملكم، فلا أرضاه ولا أحبه، وإني بريء منكم، وإن هددتموني وأوعدتموني بالطرد. وكونه بعض القالين يدل على أنه يبغض هذا الفعل ناس غيره، هو بعضهم، وقوله:
مِنَ الْقالِينَ أبلغ من أن يقول: إني لعملكم قال.