هذه قصة أخرى كسابقاتها للعبرة والعظة، هي قصة لوط بن هاران بن آزر، وهو ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السلام، بعثه الله تعالى إلى أمة عظيمة في عهد إبراهيم، تسكن من قطاع الأردن سدوم وأعمالها التي أهلكها الله وهي عمورة وثلاثة مدن أخرى، وجعل مكانها بلاد الغور المتاخمة لجبال بيت المقدس، والمحاذية لبلاد وجبال الكرك والشوبك، والمجاورة للبحر الميت «بحيرة لوط» فدعاهم إلى عبادة الله عز وجل وحده، لا شريك له، وأن يطيعوا رسولهم الذي بعثه الله إليهم، ونهاهم عن معصية الله، وارتكاب ما ابتدعوه من الفواحش، مما لم يسبقهم إليه أحد من العالمين، من إتيان الذكور دون الإناث.
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ: أَلا تَتَّقُونَ؟ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أي إن قوم لوط كذبوا نبيهم المرسل إليهم ومن كذّب رسولا فقد كذب جميع المرسلين، حين قال لهم لوط عليه السلام: ألا تتقون عذاب الله بترك معاصيه، فإني رسول لكم مؤتمن على تبليغ رسالته، فاتقوا الله بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، وأطيعوني فيما آمركم به من عبادة الله وحده، وإتيان النساء بالزواج وما أنهاكم عنه من ارتكاب الفواحش، ولا أطلب منكم أجرا أو جزاء على تبليغ رسالتي، فما جزائي إلا على الله رب الإنس والجن وجميع العوالم في الأرض والسماء.
ثم وبخهم وقرعهم وأنكر عليهم ظاهرة الفحش الشنيعة قائلا: أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ، وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ أي كيف تقدمون على شيء شاذ جدا، أترتكبون هذه المعصية الشنيعة؟ وهو إتيان