من حديث جعفر بن محمّد وهذا امر ثبت بالكشف الصحيح ولا علينا لو أنكره أحد وانما كلامنا مع من يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ «1» وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ وانما ذكرت هذا الكلام لان بعض قاصرى الافهام كانوا يعترضون على كلام المجدد رضى الله عنه فى هذا المقال ويزعمونه مستحيلا وكفرا والإنسان عدو لما جهل وبما ذكرنا لك اتضح ان هذا القول دعوى امر ممكن يقتضى الحسن الظنّ بالاكابر قبوله او السكوت عنه وكان من الناس من يقول لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ فقال الله تعالى أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ وكان من الناس من يقول اانزل «2» عليه الذّكر مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ قال الله تعالى سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ولا يلزم من رسوخ بعض أكابر الصحابة وائمة اهل البيت فى مقام المحبوبية الصرفة فضلهم على ابراهيم عليه السلام لان وصول الصحابة والائمة الى مقام المحبوبية كان بالتبعية والوراثة وما كان لابراهيم عليه السلام كان بالاصالة وشتان ما بينهما وما ذكرنا من استقرار المجدد رضى الله عنه فى مقام الخلة لا ينافى ترقياته «3» من ذلك المقام وسيره وعبوره بالتبعية والوراثة الى مقام المحبوبية الصّرفة فان السير والعبور غير الاستقرار والمقام والله اعلم.
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقا وملكا تقديم الظرف لقصد الحصر يعنى ليس لاحد غيره تعالى دخل فى خلق شىء من الممكنات وملكه وانما خص ذكر ما فى السموات وما فى الأرض لظهورهما وهذه الجملة متصلة بقوله تعالى وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ تعليل له يعنى إذا كان جميع الأشياء خالصا لله تعالى فالواجب على كل أحد تخليص وجهه لله تعالى او هى متصلة بقوله تعالى وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا يعنى انه له تعالى ما فى السموات وما فى الأرض يختار منها ما يشاء ومن يشاء او هى متصلة بذكر الأعمال مقرر بوجوب طاعته على اهل السموات والأرض وكمال قدرته على مجازاتهم على الأعمال وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (126) احاطة لا كيف لها يعنى ليس شىء من الأشياء مستقلا بنفسه بل كل شىء موجود بوجوده محتاج اليه فى ذاته