لما أنكروا عليه ولما اعتذر بالتأهل بل ببيان التخيير- وأجيب عن الآثار بان اثر عمر بن الخطاب ان صلوة السفر ركعتان تمام فى الاجر غير قصر يعنى لا نقصان فى صلوته وكيف يقول عمر غير قصر مع انه تعالى يقول فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا فانه صريح فى كونه قصرا وحديث الآحاد وان كان مرفوعا ساقط فى مقابلة نصّ الكتاب فكيف الموقوف واثر ابن عباس متروك بالإجماع حيث لم يذهب أحد الى ان الصّلوة فى الخوف ركعة واثر عائشة لا يجوز العمل به لان عمل الراوي على خلاف ما يرويه جرح فى الحديث ولا شك ان عائشة كانت تتم فى السفر وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة التخيير فيجب ان يحمل قولها تركت صلوة السفر على الاول على من ان من اختار الركعتين فكانّ الصلاة تركت فى حقه على الحالة الاولى وامّا حديث ابن عمر فشهادة على النفي وحديث عائشة شهادة على الإثبات فهو اولى او يقال معناه لم يزد على ركعتين غالبا وايضا ذكر ابن عمران عثمان صلى صدرا من خلافته ركعتين ثم صلى أربعا ولم يذكر انكار الناس عليه وهذا دليل التخيير وايضا قوله لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تدل على الاولوية دون الوجوب وانكار الناس على عثمان واعتذاره جاز ان يكون لترك الاولى واحتج الحنفية بالمعقول بان الشفع الثاني لا يقضى ولا يأثم بتركه وهذا اية النافلة بخلاف الصوم فانه يقضى وبخلاف الحج على الفقير فانه يصير فريضة إذا دخل الميقات وان التخيير بين الواجبات لا يكون الا لنوع يسر فى كلا الامرين كما فى صوم
رمضان للمسافر فان فيه ايضا نوع يسر بسهولة فى الصوم مع الناس ما ليس فى انفراده ولا كذلك فى الاثنين والأربع فان اليسر فى الاثنين متيقن وامّا جمعة السافر وظهره فكل واحد منهما جنس اخر من الصلاة وفى كل منهما نوع يسر حيث يشترط فى الجمعة ما لا يشترط فى الظهر والتخيير بلا مراعاة يسر للمكلّف مناف لشأن العبودية وأجيب بان التخيير بين القليل والكثير مفيد فاختيار القليل لليسر واختيار الكثير لزيادة الاجر وزيادة الاجر فى الأربع لا يوجب نقصانا فى الثنتين نظيره القراءة فى الصلاة فان المصلى مخيّربين ان يقرا ادنى ما يجوز به الصلاة وحينئذ لا نقصان فى صلوته وبين ان يقرا القران كله فى ركعة وكلّما قرا فى الصلاة وان كان جميع القران وقع من الفريضة لانه فرد من افراد المأمور به حيث قال الله تعالى فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ويرد عليه ان تقريركم هذا يدل على ان الإتمام للمسافر أفضل واكثر ثوابا من القصر ... ...