[سورة البقرة (2) : آية 42]

بل الواجب ان تكونوا أول من أمن به كما ان ورقة بن نوفل لما كان عالما بالتورية صار أول من أمن به- فالمراد به التعريض دون الحقيقة كقولك اما انا فلست بجاهل فلا يقال كيف نهوا عن التقدم في الكفر مع سبق مشركى مكة فيه- او المراد ولا تكونوا أول كافر من اهل الكتاب او أول من كفر بما معه فان الكفر بالقران كفر بما يصدقه- قلت او المراد بالاولية الاولية بالذات «1» يعنى كونهم سببا لكفر غيرهم فان ايمان العلماء والأحبار والرؤساء سبب لايمان غيرهم وكفرهم سبب لكفر غيرهم- فلذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- الا ان شر الشرار شرار العلماء- وان خير الخيار خيار العلماء رواه الدارمي من حديث الأحوص بن حكيم عن أبيه- والمعنى لا تكونوا سببا لكفر اتباعكم فيكون عليكم اثم الأريسيين وأول كافر خبر من ضمير الجمع بتأويل أول فريق- او بتأويل أول فريق- او بتأويل لا يكن كل واحد منكم أول كافر كقولك كسانا حلة- وأول افعل لا فعل له من لفظه- وقيل أصله أوال من وال على وزن سأل أبدلت همزته واوا من غير قياس او ااول من أول قلبت الهمزة واوا وأدغمت- قال البغوي نزلت الاية في كعب بن اشرف وأصحابه من علماء اليهود وَلا تَشْتَرُوا اى لا تستبدلوا بِآياتِي اى بالايمان بايات القران اولا تستبدلوا بايات التورية ببيان نعت محمد صلى الله عليه وسلم ثَمَناً اى عرضا من الدنيا قَلِيلًا فان اعراض الدنيا وان جلت فهى قليلة رذيلة بالاضافة الى ما يفوتهم من حظوظا لاخرة وذلك ان رؤساء اليهود وعلماءهم كانت لهم مأكلة يصيبونها من سفلتهم وجهّالهم يأخذون كل عام منهم شيئا معلوما من ذروعهم وضروعهم ونقودهم فخافوا فواتها ان بينوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم واتبعوه- فاختاروا الدنيا على الاخرة وغير وانعته وكتموا اسمه وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) بالايمان واختيار الاخرة على الدنيا- وهذا مثل فايّاى فارهبون- غير ان في الاية السابقة خطاب لعوام بنى إسرائيل ولذا فصلت بالرهبة التي هى مقدمة التقوى وفي الثانية خطاب لعلمائهم ولذلك فصلت بالتقوى الذي هو منتهى الأمر-.

وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ اى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015