قوله تعالى وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ- يأبى عنه ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) بعد الحشر فيجزيكم بأعمالكم- قرا يعقوب ترجعون في كل القران بفتح التاء والياء على صيغة المبنى للفاعل- والاية مدنية خطاب بالكفار والمنافقين من اليهود العالمين بالبعث والنشور- وان كان خطابا لمنكرى البعث فذلك لتمكنهم من العلم بالبعث بعد نصب الدلائل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وللتنبيه على ان من أحياهم اولا قادر على ان يحييهم ثانيا.
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ اى لانتفاعكم في الدنيا في مصالحكم بوسط او بغير وسط وفي دينكم بالاستدلال والاعتبار ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً بيان للنعمة الاخرى مرتبة على الاولى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ قال ابن عباس واكثر المفسرين من السلف اى ارتفع الى السماء- فهو من المتشابهات نحو الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى - وقال ابن كيسان والفراء وجماعة النحويين اى اقبل على خلق السماء وقصد من قولهم استوى اليه كالسهم المرسل إذا قصده قصدا مستويا من غير ان يلوى على شىء- قال البيضاوي كلمة ثم لعله لتفاوت ما بين الخلقتين وفضل خلق السماء على خلق الأرض كقوله تعالى ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا- لا للتراخى في الوقت فانه يخالف ظاهر قوله تعالى وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها- فانه تدل على تأخر دحوى الأرض المتقدم على خلق ما فيها من خلق السماء وتسويتها وذكر البغوي في تفسير قوله تعالى وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها- انه قال ابن عباس خلق الله الأرض بأقواتها من غير ان يدحوها قبل السماء ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ثم دحى الأرض بعد ذلك- وقيل معناه والأرض مع ذلك دحيها كقوله تعالى عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ اى مع ذلك- وذكر البغوي في حم السجدة- خلق الأرض في يومين يوم الأحد والاثنين وقدر فيها أقواتها في يومين يوم الثلثاء والأربعاء فهما مع الأحد والاثنين اربعة ايام فقال وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ... فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ يوم الخميس والجمعة- وهذا هو المستفاد من اقوال السلف والله تعالى اعلم- فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ اى خلقهن مستويات لا فطور فيها ولا صدوع- وهن ضمير السماء ان فسرت بالاجرام لانه جمع او في معنى الجمع وسبع سموت بدل منه- والا فمبهم تفسيره ما بعده كقولهم ربّه رجلا- فان قيل أليس اصحاب الارصاد اثبتوا تسعة أفلاك كلية منها الفلك الا طلس فلك الافلاك وفلك الثوابت الفلك التاسع «1» لا جزء لهما- واثبتوا للافلاك السبعة اجزاء منها ما هو مركب من ثلثة أفلاك خارج المركز وفيه الكوكب ومثمما حاويا ومتمما محويا ومنها ما هو مركب من خمسة خارج المركز ومتممين حاويين وكذا محويين وأفلاك اخر