عن ابن عباس رض صارت الأوثان التي كانت تعبد فى قوم نوح فى العرب بعده اما ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل واما سواع فكانت لهذيل واما يغوث فكانت لمرو ثم لبنى غطيف بالجرف عند سبأ واما يعوق فكانت لهمدان واما نسر فكانت لحمير لال ذى الكلاع فهذه اسماء رجال صالحين من اسلام قوم نوح فلما هلكوا اوحى الشيطان الى قومهم ان انصبوا الى مجالسهم التي كانوا يجلسون انصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك عبدت وروى عن ابن عباس رض ان تلك الأوثان رفنها الطوفان وطمها التراب فلم تزل مدمونة حتى أخرجها الشيطان لمشركى مكة.
وَقَدْ أَضَلُّوا اى الأوثان او رؤساء قوم نوح كَثِيراً ج من الناس والاسناد الى الأوثان مجاز كما فى قوله تعالى رب انهن اضللن كثيرا من الناس حيث أضلهم الشيطان بسببها والجملة اما حال من فاعل قالوا او من مفعول لا تذرن واما معترضة وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ اى الكافرين إِلَّا ضَلالًا اى هلاكا وضياعا كقوله تعالى إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ او المراد بالضلال عدم اهتدائهم الى ما أرادوا بمكرهم او الى مصالح دنياهم والجملة معطوفة على مقولة قال رب انهم عصونى يعنى قال نوح هذا القول فهو فى المعنى من قبيل عطف المفرد على المفرد لا عطف الإنشاء على الخبر.
مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ على قراءة الجمهور وقرأ ابو عمر وخطاياهم ما مزيده للتاكيد والتفخيم ومن للسببية متعلق باغرقوا اى من أجل خطاياهم أُغْرِقُوا بالطوفان فَأُدْخِلُوا ناراً فى عالم البرزخ المسمى بالقبر فانه روضة من رياض الجنة او حفرة من حفرات النيران فهذه الاية دليل على اثبات عذاب القبر لان الفاء للتعقيب وصيغة ادخلوا للمضى خلافا للمعتزلة وغيرهم من اهل الهواء قالوا فى تاويل هذه الاية انه أورد بفاء التعقيب لعدم اعتداد لما بين الإغراق والإدخال او لان المسبب كالمتعقب للسبب وصيغة الماضي لان المتيقن كالواقع قلنا الأصل فى الكلام الحقيقة وهذه التأويلات حمل على المجاز فلا يجوز بلا دليل كيف وقد دلت من الأحاديث ما لا يحصى على عذاب القبر وانعقد عليه اجماع السلف عن انس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان العبد إذا وضع فى قبره وتولى عنه أصحابه انه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقول ما كنت تقول فى هذا الرجل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فاما المؤمن فيقول اشهد