وقيل معناه ناخذهم درجة فدرجة وذلك ادنائهم من امسى شيئا فشيئا كالمراتى والمنان والحاصل سنأخذهم بالعذاب بتدريج وامهال مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ كيف يجئ العذاب بهم.
وَأُمْلِي لَهُمْ اى امهلهم إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ قوى لا يطاق دفعه جملة مستانفة والكيد المكر والحيلة واظهار خلاف ما أضمر من السوء فالكيد من الله الانتقام بصورة الانعام قال الجوهري فى قوله تعالى ان كيدى متين قال بعضهم أراد بالكيد العذاب والصحيح هو الاملاء والامهال يعنى ليس ما نعطيهم فى الدنيا من النعم تفضلا لهم على المؤمنين كما زعموا بل كيد واستدراج لهم (فائدة) من ارتكب المعصية فعوقب عليها بمصيبة فى الدنيا يرجى مغفرة ذنبه ومن ارتكب المعصية ثم يرى عليه ازدياد النعمة يخشى عليه المكر والاستدراج نعوذ بالله منه.
أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً على التبليغ أم منقطعة بمعنى بل والهمزة معطوفة على قوله تعالى أم لهم شركاء وما بينهما معترضات فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ فيعرضون عنك بلا حجة دفعا للغرامة الجملة الاسمية معطوفة بالفاء السببية على العقلية اى تسئلهم.
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ اى اللوح المحفوظ او المغيبات فَهُمْ يَكْتُبُونَ منه ما يحكمون جملة أم عندهم معطوفة على أم تسئلهم ذكر الله سبحانه فيما سبق نفى الدليل التحقيقى العقلي والسمعي والتقليد الذي يستدلون به العوام وذكر هاهنا نفى الكشف عن المغيبات والإلهام الذي هو سبب لحصول العلم للخواص من الأنبياء والملائكة وبعض الأولياء فان الله تعالى يكشف عليهم اللوح المحفوظ والمغيبات إذا شاء يعنى ليس شىء مما ذكرنا عندهم فما يحكمون به ليس الا باطلا لغوا.
فَاصْبِرْ يا محمد - صلى الله عليه وسلم - على اذاهم فانهم لا يقولون ما يقولون الا بلا حجة لِحُكْمِ رَبِّكَ لقضائه بأخذ الكفار بالامهال والاستدراج ولا تضجر ولا تعجل وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ فى الضجر والاستعجال معطوف على فاصبر قال وهب ان يونس بن متى عليه السلام كان عبدا صالحا وكان فى خلقه ضيق فلما حمل عليه أثقال النبوة تضح تحتها تفسح الربع تحت الحمل الثقيل يقذفها بين يديه ويخرج هاربا منها فلذلك أخرجه الله من اولى العزم وقال للنبى - صلى الله عليه وسلم - فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تكن كصاحب الحوت وقصته على ما ذكره ابن مسعود وسعيد بن جبير ووهب ان الله تعالى أرسله الى اهل نينوى من ارض الموصل وهم مائة الف