[سورة الحجرات (49) : آية 2]

واخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا ان ناسا كانوا يقولون لو انزل فى كذا وكذا فانزل الله لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ- وَاتَّقُوا اللَّهَ ط فى تضيع حقه وحق رسول ومخالفة امره إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لاقوالكم عَلِيمٌ بنياتكم.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كرر النداء لاستدعاء مزيد الاستبصار والمبالغة فى الألفاظ وزيادة اهتمام ما امر به لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ إذا كلمتموه وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ يعنى لا ترفعوا أصواتكم عنده ولا تنادوه كما ينادى بعضكم بعضا بان تخاطبوه باسمه او كنيته بل يجب عليكم تبجيله وتعظيمه ومراعات آدابه وخفض الصوت بحضرته وخطابه بالنبي والرسول ونحو ذلك أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ اى كراهة ان تحبط او لئلا يحبط فيكون علة للنهى وجاز ان يكون تقديره لان تحبط متعلق بالنهى واللام للعاقبة فان رفع الصوت فوق صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - والجهر عليه استخفافا يؤدى الى الكفر فعاقبته حبط العمل إذا قصد الاهانة نعوذ بالله منها وعدم المبالات وترك المراقبة فى آدابه لا يخلوا من الحرمان من بركات صحبته فبطل عمل المصاحبة إذا لم يترتب عليه فائدته وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ حال من الضمير المجرور فى أعمالكم قال البغوي قال ابو هريرة وابن عباس لما نزلت هذه الاية كان ابو بكر لا يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - الا كاخى السرار وقال ابن الزبير فيما مر من حديث رواه البخاري فى سبب نزول قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا الآية قال فما كان عمر يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الاية حتى يستفهمه- وروى مسلم فى الصحيح عن انس بن مالك قال لما نزلت هذه الاية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ الآية جلس ثابت بن قيس فى بيته وقال انا من اهل النار واحتبس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسال النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن معاذ فقال يا أبا عمر ما شان ثابت اشتكى فقال سعد انه لجارى وما علمت له شكوى فاتاه سعد فذكره قول النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ثابت أنزلت هذه الاية ولقد علمتم انى من ارفعكم أصواتا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانا من اهل النار فذكر ذلك سعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بل هو من اهل الجنة واخرج ابن جرير عن محمد ابن ثابت بن قيس بن شماس وكذا ذكر البغوي انه لما نزلت هذه الاية قعد ثابت فى الطريق يبكى فمر به عاصم بن عدى فقال ما يبكيك يا ثابت قال هذه الاية أتخوف ان نكون نزلت فى وانا رفيع الصوت أخاف ان يحبط عملى وان أكون من اهل النار فمضى عاصم الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغلب ثابت البكاء فاتى امرأته جميلة بنت عبد الله بن ابى بن سلول فقال لها إذا دخلت بيت فرسى فشدى على الضبة بمسمار فضربته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015