يرى كذلك بنظر الكشف فالمركز اصل وإجمال للدائرة بل هو أفضل وأوسع من تمام الدائرة وانما يظهر بنظر الكشف اخصر لكونه ارفع وابعد من الناظر كما ان القمر يظهر للناظر مركزا لدائرة الهالة مع كونه أوسع منها حَكِيمٌ (4) ذو حكمة بالغة او محكم لا ينسخه غيره وهما خبران لان وفى امّ الكتاب متعلق بعلىّ واللام لا يمنعه او ظرف مستقر حال منه ولدينا بدل منه او حال من امّ الكتاب او من المستكن فى قوله فى أم الكتاب-.
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف تقديره أنهاكم فنضرب عنكم الذّكر اى القران يقال ضربت عنه وأضربت عنه إذا تركت وأمسكت عنه وصفحا مصدر من غير لفظه يقال صفحت عنه إذا أعرضت عنه والترك والابعاد اعراض او مفعول له او حال بمعنى صافحين وأصله ان توفى الشيء صفحة عنقك والإنكار راجع الى الإهمال وترك الذكر وهو انكار لا يكون الأمر على خلاف ما ذكر من إنزال الكتاب على لغتهم ليفهموه ويمكن ان يكون العطف على جملة انه فى أم الكتاب لعلى حكيم والإنكار راجع الى معنى الفاء اى بعد كون القران كذلك نضرب عنكم الذكر أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (5) قرأ نافع وحمزة والكسائي «وابو جعفر وخلف ابو محمد» إن بكسر الهمزة على ان الجملة الشرطية مخرجة للحق مخرج المشكوك استجهالا لهم واشعارا بان الإسراف امر لا يجوّز العقل إتيانه فكانّه محال مفروض والجزاء محذوف دل عليه ما قبله والمعنىء إن كنتم قوما مسرفين نهملكم فنضرب عنكم الذّكر صفحا وقرأ الباقون بفتح الهمزة تقديره لان كنتم مسرفين وهو فى الحقيقة علة مقتضية لترك الاعراض جعلها علة للاعراض وأورد عليها همزة الإنكار والمعنى أفنترك عنكم الوحى ونمسك من إنزال القران فلا نأمركم ولا تنهاكم من أجل اسرافكم فى الكفر قال البغوي قال قتادة والله لو كان هذا القران رفع حين رده أوائل لهذه الامة لهلكوا ولكن الله عاد عليهم لعائدته ورحمته فكرره عليهم عشرين سنة او ما شاء وقال مجاهد والسدىّ معناه أفنعرض عنكم ونترككم فلا نعاقبكم بكفركم..
وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) يعنى أرسلنا فيهم كثيرا من الأنبياء.