معهم على نفسه فيساعدونه على ذلك فاذا كان يوم سياحتهم يخرج فى الفيافي ويرفع صوته بالمزامير فيبكى ويبكى معه الجبال والحجارة والدواب والطير حتى يسيل اودية من بكائهم ثم يجئ الى الساحل فيرفع صوته بالمزامير فيبكى او يبكى معه الحيتان ودواب البحر وطير الماء والسباع فاذا امسى رجع فاذا كان يوم نوحه على نفسه نادى مناديه ان اليوم نوح داود على نفسه فليحضر من يساعده فيدخل الدار التي فيها المحاريب فبسط ثلاث فرش من مسوح حشوها ليف فيجلس عليها ويجئ اربعة آلاف راهب عليهم البرانس وفى أيديهم العصا فيجلسون فى تلك المحاريب ثم يرفع داود صوته بالبكاء والنوح على نفسه ويرفع الرهبان معه أصواتهم فلا يزال يبكى حتى يغرق الفرش من دموعه ويقع داود فيها مثل الفرخ ويضطرب فيجئ ابنه سليمان عليهما السلام فيحمله فيأخذ داود من تلك الدموع بكفيه ثم يمسح وجهه ويقول يا رب اغفر لى ما ترى فلو عدل بكاء داود ببكاء اهل الدنيا لعدله قال وهب ما رفع داود رأسه حتى قال له ملك أول أمرك ذنب وآخره مغفرة ارفع رأسك فرفع رأسه فمكث حياته لا يشرب ماء الا مزجه بدموعه ولا يأكل الطعام إلا بله بدموعه وذكر الأوزاعي مرفوعا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان مثل عينى داود كالقربتين تنفطان ماء ولقد خدت الدموع فى وجهه كخديد الماء فى الأرض- قال وهب لمّا تاب الله على داود قال يا رب غفرت لى فكيف لى ان لا انسى خطيئتى فاستغفر منها وللخاطئين الى يوم القيامة قال فرسم الله خطيئته فى يده اليمنى فما رفع فيها طعاما ولا شرابا الا بكى إذا راها وما كان خطيبا للناس الا بسط راحته فاستقبل الناس ليروا رسم خطيئته وكان يبدئ إذا دعا فاستغفر للخاطئين قبل نفسه- وقال قتادة عن الحسن كان داود بعد الخطيئته لا يجالس الا الخاطئين يقول تعالوا الى داود الخاطئ ولا يشرب شرابا الا مزجه بدموع عينيه وكان يجعل خبز الشعير اليابس فى قطعة فلا يزال يبكى حتى يبل بدموع عينيه وكان يذر عليه الملح والرماد فياكل ويقول هذا أكل الخاطئين- قال وكان داود قبل الخطيئة يقوم نصف الليل ويصوم نصف الدهر فلمّا كان من خطيئته ما كان صام الدهر كله وقام الليل كله وقال