وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ قرأ اهل المدينة والشام ويعقوب ذرّيّاتهم بالجمع وكسر التاء والباقون ذرّيّتهم على الافراد بفتح التاء فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) اى المملو الظاهر ان المراد بالذرية أولادهم الذين يتبعونهم الى تجاراتهم او صبيانهم ونساؤهم الذين يستصحبونهم فان الذرية يطلق عليهن لانهن توارعها ورد فى الحديث انه صلى الله عليه وسلم راى امراة مقتولة فقال ما كانت هذه تقاتل الحق خالدا فقل له لا تقتل ذرية ولا عسيفا- «العسيف الأجير او العبد منه ره» والمراد بالذرية فى هذا الحديث النساء لاجل الامرأة المقتولة وفى حديث عمر حجوا بالذرية لا تأكلوا أرزاقها وتذروا ارباقها «1» فى أعناقها اى حجوا بالنساء كذا فى النهاية والمراد بالفلك السفائن الصغار والكبار وتخصيص الذرية بالذكر لان استقرارهم فى السفن أشق وتماسكهم فيها اعجب وقال البغوي المراد به سفينة نوح عليه السلام والمراد بالذرية الآباء واسم الذرية يقع على الآباء كما يقع على الأولاد وقال البيضاوي على تقدير ان يراد بالفلك سفينة نوح عليه السلام معنى الاية ان الله تعالى حمل آباءهم وحملهم وذريتهم فى أصلابهم وتخصيص الذرية بالذكر لانها بلغ فى الامتنان وادخل فى التعجب مع الإيجاز.
وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ اى مثل الفلك مطلقا او مثل فلك نوح ما يَرْكَبُونَ (42) من الإبل فانها سفائن البر او من الفلك والسفن والرواق على هيئة سفينة نوح.
وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ مع اتخاذ السفائن فَلا صَرِيخَ لَهُمْ جزاء لشرط محذوف تقديره وان نغرقهم فلا صريخ اى لا مغيث لهم يحرسهم عن الغرق او فلا استغاثة كقولهم أتاهم الصريخ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) عطف على لا صريخ لهم اى لا ينجون من الغرق قال ابن عباس ولا أحد ينقذهم من عذابى.
إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً استثناء مفرغ منصوب على العلية اى لا ينقذون لشئ الا لرحمة منا ولتمتيع إِلى حِينٍ (44) اى زمان قدّر لاجالهم..
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ قال ابن عباس ما بين ايديكم يعنى الاخرة فاعملوا لها وما خلفكم يعنى الدنيا فاحذروها ولا تغتروا وقيل ما بين ايديكم يعنى وقائع الله فيما قبلكم من الأمم وما خلفكم عذاب الاخرة وهو قول قتادة وقيل المراد به نوازل السماء ونوائب الأرض كقوله تعالى او لم يروا الى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض وقيل المراد به عذاب الدنيا وعذاب الاخرة وقيل عكسه وقيل ما تقدم من الذنوب وما تأخر