وانما تمنى علم قومه بحاله ليحملهم على اكتساب الايمان والطاعة على دأب الصالحين فى كظم الغيظ والترحم على الأعداء او ليعلموا انهم كانوا على خطأ عظيم فى امره وانه كان على حق.
قال البغوي فلما قتل حبيب غضب الله عليهم وعجل لهم النقمة فامر جبرئيل فصاح بهم صيحة واحدة فماتوا عن آخرهم وذلك قوله تعالى.
وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ اى قوم حبيب مِنْ بَعْدِهِ من زائدة اى بعد إهلاكه مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ من الاولى زائدة لتأكيد النفي والثانية للابتداء يعنى ما أنزلنا لاهلاكهم جندا من الملائكة كما أرسلنا يوم بدر والخندق بل كفينا أمرهم بصيحة ملك وفيه استحقار لإهلاكهم وايماء بتعظيم الرسول عليه السلام وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) ما نافية اى ما كان شأننا فى إهلاك قوم إنزال جند فان الأمر أيسر من ذلك وانما أنزلنا الأجناد لنصرك بشارة وإكراما لك وتسكينا لقلبك قال الله تعالى وما جعله الله إلّا بشرى ولتطمئنّ به قلوبكم وما النّصر الّا من عند الله- وقيل موصولة معطوفة على جند يعنى ما أنزلنا على قومه ما كنّا منزلين على من قبلهم من حجارة او ريح او امطار شديدة.
إِنْ كانَتْ اى ما كانت الاخذة او العقوبة إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً صاح بها جبرئيل قرأ الجمهور بالنصب على انه خبر كان وابو جعفر بالرفع جعل الكون تامة بمعنى الوقوع- قال البغوي قال المفسرون أخذ جبرئيل بعضاوتي باب المدينة ثم صاح صيحة واحدة فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (29) اى ميتون شبّهوا بالنار لان الحيوة يتعلق بالحرارة الغريزية فاذا خمدت الحرارة الغريزية مات وجملة ما أنزلنا عطف على قوله وجاء من اقصا المدينة رجل «1» يسعى وجملة ما كنّا منزلين معترضة وجملة ان كانت الّا صيحة تعليل والفاء للسببية يعنى فاجئت الصيحة وقت خمودهم.
يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ الظرف صفة للحسرة وجعلت الحسرة منادى تنبيها للمخاطبين على وجوب الحسرة عليهم وتنكيرها للتعظيم كانّه قيل يا حسرة اى حسرة تعالى فهذه من الأحوال التي من حقها ان تحضرى فيها وهى ما دل عليه ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (30) استثناء مفرغ حال من الضمير المنصوب او من رسول او منهما