وما بينهما يحكم ان خالقه حكيم والحكيم لا يفعل العبث والحكمة فى خلقها معرفة الخالق وصفاتها ولولا البعث والنشور والثواب والعقاب يستوى العارف والكافر فمن تفكر فيها يكتسب العلم بالاخرة فلا يكون من الغافلين وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ يعنى كفار مكة لاجل غباوتهم وعدم تفكرهم بِلِقاءِ رَبِّهِمْ اى بجزائه عند انقراض الدنيا لَكافِرُونَ اى لجاحدون يحسبون ان الدنيا ابدية ولا بعث ولا حساب.
أَوَلَمْ يَسِيرُوا الهمزة للانكار والتوبيخ وانكار النفي اثبات وتقرير والواو للعطف على محذوف تقديره الم يخرج اهل مكة من ديارهم ولم يسيروا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا منصوب فى جواب النفي كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم كيف فى محل النصب على انه خبر كان قدم عليه لما له صدر الكلام والجملة فى محل النصب على انه مفعول لينظروا يعنى انهم قد ساروا فى أسفارهم ونظروا الى اثار الّذين كذّبوا الرسل من قبلهم فدمروا على تكذيبهم كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً كعاد وثمود وغيرهم فان القرون الماضية كانوا أشد قوة وأطول أعمارا واكثر اثارا من القرون التالية- هذه الجملة مع ما عطف عليه مستأنفة فى جواب كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَأَثارُوا الْأَرْضَ مع ما عطف عليه عطف على كانوا اى قلّبوا وجهها لاستنباط المياه واستخراج المعادن وكربوها للزرع وغير ذلك وَعَمَرُوها اى الأرض عمارة أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها منصوب على انه صفة مصدر محذوف يعنى عمروها عمارة اكثر من عمارة اهل مكة إياها فانهم فى واد غير ذى زرع لا تبسط لهم فى غيرها وفيه تهكم بهم حيث كانوا مفترين بالدنيا مفتخرين بها وهم أضعف حالا فى الدنيا فان مدارها على التبسط فى البلاد والتسلط على العباد والتصرف فى أقطار الأرض بانواع العمارة وهم ضعفاء يلجئون الى واد لا نفع لها ولولا رحلتى الشتاء والصيف لهم الى اليمن والشام لماتوا جوعا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ عطف على كانوا أشدّ منهم قوة فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ معطوف على جملتين محذوفتين معطوفتين على جاءتهم تقديره جاءتهم رسلهم بالبينات فكذبوهم فدمرهم الله فى الدنيا فما كان الله ليظلمهم اى ما كان صفة الله ظلمهم فان اللام لام الجحود وان بعدها مقدرة يعنى ما كان صفة الله ان يفعل بهم