والاضراب لان هذا الحسبان ابطال من الحسبان الاول لان فى الحسبان الاول يقدران لا يمتحن لايمانه وفى هذا ان لا يجازى بمساويه وقالوا الاول فى المؤمنين وهذا فى الكافرين قلت وجاز ان يكون أم متصلة والإنكار ورد على أحد الحسبانين المتردد فيهما بالهمزة وأم والنكرة فى حيز النفي المستفاد من الإنكار يعم فالمعنى كلا الحسبانين باطلان فلا تحسبوا ايها المؤمنون ان لا تمتحنوا بل تمتحنون بالمصائب لتنالوا الدرجات الرفيعة ولا يحسب أعداؤكم ان لا يعذبهم الله فى الدنيا والاخرة بل يعذبهم الله فى الدنيا بايدى المؤمنين وفى الاخرة بعذاب من عنده والحاصل ان المؤمنين يمتحنون بالمصائب ثم يكون الغلبة لهم فى اخر الأمر ساءَ ما يَحْكُمُونَ ما موصولة مرفوعة على الفاعلية او موصوفة منصوبة على التميز من الضمير المبهم المرفوع والمخصوص محذوف اى بئس الذي يحكمونه حكمهم هذه او بئس حكما يحكمونه حكمهم هذا.
مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ قال ابن عباس الرجاء بمعنى الخوف اى من يخشى البعث والحساب وعذاب الله وقال سعيد بن جبير من كان يطمع فى ثواب الله قلت وجاز ان يكون المعنى من كان يرجوا رؤية الله فيستدل بهذه الاية ان رؤية الله فى الدنيا غير واقع الا ما قيل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم راى ربه ليلة المعراج وكان ذلك خارجا من الدنيا فمن ادعى رؤية الله فى الدنيا برأى العين فقد كذب فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ يعنى أجل لقائه يحذف المضاف ووقته الموعود له لَآتٍ لا محالة قال مقاتل يعنى يوم القيامة لكائن فليبادر الى ما يحقق رجاءه وينجوه عما يخاف عنه وهذا كقوله تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ... وَهُوَ السَّمِيعُ لاقوال العباد الْعَلِيمُ.
بعقائدهم وأفعالهم وَمَنْ جاهَدَ اعداء الله يعنى الكفار فى الحرب او نفسه فى الكف عن الشهوات المنهية والترفع والصبر على الطاعات والشيطان فى دفع وساوسه عطف على الشرطية السابقة فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ لان منفعته راجعة إليها إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ لا حاجة له الى طاعتهم وانما كلف عبادة رحمة عليهم ومراعاة لمصالحهم الجملة تعليل لما سبق.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ يعنى نذهب سيئاتهم