عن ابن عمر رضى الله عنهما قال تخرج الدابّة ليلة جمع والناس يشيرون الى منى- واخرج ابن ابى شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن ابى حاتم عن الحسن ان موسى عليه السلام سال ربه ان يريد الدّابّة فخرجت ثلاثة ايام ولياليهن يذهب فى السماء لا يرى واحد من طرفيها قال فراى منظرا فظيعا فقال رب ردها فردها قلت والأحاديث المذكورة تدل على ان الدابة تميّز بين المؤمنين الصادقين فى ايمانهم وبين المنافقين الذين أظهروا الايمان وابطنوا الكفر والمراد بالكفر اما ضد الإسلام المجازى الّذى قلوب أهاليهم غير مصدقة بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم واما ضد الإسلام الحقيقي الّذى قلوب أهاليهم وافقت ألسنتهم فى التصديق لكن لم يؤمن نفوسهم ولم تطمئن فان كان المراد بالكافر هذا المعنى فقول الدّابة يا فلان أنت من اهل النار يراد به دخولها لا خلودها ولا يجوز ان يكون المراد بالكفر المجاهر بالكفر لان المجاهر بالكفر لم يبق بمكة بعد الفتح وايضا المجاهر بالكفر ممتاز عن المسلمين قبل خروج الدابة لا حاجة فى امتيازهم الى الدابة والله اعلم.
وَيَوْمَ نَحْشُرُ يعنى يوم القيامة مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً اى من كل قرن جماعة كلمة من هاهنا للتبعيض وفوجا مفعول لنحشر ومن كل امة حال منه قلت وذلك حين يقول الله تعالى لادم ابعث بعث النار من ذريتك وقد مرّ الحديث فى صدر سورة الحج مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا صفة لفوج ومن هاهنا للبيان اى فوجا مكذبين فَهُمْ يُوزَعُونَ اى يجلس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا قال البيضاوي هو عبارة عن كثرة عددهم وتباعد أطرافهم.
حَتَّى ابتدائية داخلة على الشرطية إِذا جاؤُ الى المحشر قالَ الله تعالى لهم أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي الاستفهام للتوبيخ وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً الواو للحال يعنى أكذبتم بها بادى الرأى غير ناظرين فيها نظرا يحيط علمكم بكنهها وانها حقيقة بالتصديق او التكذيب او للعطف يعنى أجمعتم بين التكذيب بها وعدم النظر والتأمل فى حقيقتها أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ تقديره أم لم تكذّبوا فان لم تكذّبوا فماذا كنتم ودع يعنى اىّ شىء كنتم تعملون غير التكذيب وهذا ايضا توبيخ وتبكيت إذ لم يفعلوا غير التكذيب من الجهل فلا يقدرون ان يقولوا فعلنا ذلك.
وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ عطف على قال فى حيز جزاء الشرط اى وجب عليهم العذاب الموعود لهم بِما ظَلَمُوا اى بسبب ظلمهم اى تكذيبهم بايات الله فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ باعتذار إذ ليس لهم عذر فى نفس الأمر او لما لا يؤذن لهم فيعتذرون وقيل لا ينطقون لان أفواههم مختومة وقيل لا ينطقون لشغلهم بالعذاب والظاهر هو الاول يدل عليه قوله.
أَلَمْ يَرَوْا يعنى كيف يعتذرون على الكفر بعد رؤية الادلة الموجبة للايمان والاستفهام للانكار وانكار النفي اثبات يعنى قد رئوا