وذالا يجوز عقلا وشرعا الا على من كان قادرا على نفعه ودفع الضرر عنه سميعا بأقواله بصيرا بأحواله عليما بعاقبة امره رقيبا عليه ولذلك قال عَلَى الْعَزِيزِ اى الغالب الذي يقدر على قهر أعدائه ونصر أوليائه الرَّحِيمِ الذي يرحم عليك وعلى اتباعك
الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ
داعيا للناس الى التوحيد ومجاهدا فى سبيل الله او المراد حين تقوم الى الصلاة كذا قال المفسرون
وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ عطف على الضمير المنصوب فى يراك يعنى ويرى تقلبك فى صلاتك فى حال قيامك وركوعك وسجودك وقعودك او فى محل تقوم يعنى يراك حين تقوم وحين تقلبك وقال عطية وعكرمة عن ابن عباس فى الساجدين اى فى المصلين وقال مقاتل اى ومع المصلين فى الجماعة يعنى يراك حين تصلى وحدك وحين تصلى مع المصلين فى الجماعة وقال مجاهد يرى تقلب بصرك فى المصلين فانه كان يبصر من خلفه كما كان تبصر من امامه. روى البغوي عن ابى هريرة ان رسول الله صل الله عليه وسلم قال هل ترون قبلتى هاهنا فو الله لا يخفى على خضوعكم انى لاراكم من وراء ظهرى وقال الحسن تقلبك فى الساجدين اى تصرفك فى ذهابك ومجيئك فى أصحابك المؤمنين وقال سعيد بن جبير يعنى وتصرفك فى أحوالك كما كانت الأنبياء من قبلك والساجدون هم الأنبياء وقيل معناه ترودك فى تصفح احوال المتهجدين قال البيضاوي روى انه لما نسخ فرض قيام الليل طاف تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصا على كثرة طاعتهم فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع لها من دندنتهم بذكر الله والتلاوة وانما ذكر تقلبه فى الساجدين من أحواله لكونه من اسباب الرحمة المقتضية للتوكل على من يتصف به- وقال عطاء عن ابن عباس أراد تقلبك فى أصلاب الآباء من نبى الى نبى لكن فى هذا التأويل ليس كمال المدح لاشتراك قريش بل جميع الناس فيه بل الاولى ان يقال المراد منه تقلبك من أصلاب الطاهرين الساجدين لله الى أرحام الطاهرات الساجدات ومن أرحام السجدات الى أصلاب الطاهرين اى الموحدين والموحدات حتى يدل على ان اباء النبي صلى الله عليه وسلم كلهم كانوا مؤمنين كذا قال السيوطي وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي (شعر) : -
وينقل أحد نورا عظيما ... تلألا فى وجوه الساجدين
تقلب فيهم قرنا فقرنا ... الى ان جاء خير المرسلين
وممّا يؤيد هذا التأويل ما رواه البخاري فى الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال بعثت من خير قرون بنى آدم قرنا فقرنا حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه-