من أول المؤمنين وأول المؤمنين هم الذين يقتدى بهم غيرهم والجملة تعليل ثان لنفى الضير او تعليل للعلة المتقدمة او بدل اشتمال لها.
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى بعد ما اقام بين أظهرهم سنين يدعوهم الى الحق ويريهم الآيات فلم يزيدوا الا عتوّا وفسادا أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي قرأ نافع «وابو جعفر- ابو محمد» بفتح الياء والباقون بإسكانها إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ يتبعكم فرعون وقومه ليحولوا بينكم وبين الخروج من مصر تعطيل للاسراء قال البغوي روى عن ابن عباس قال اوحى الله الى موسى عليه السلام ان اجمع بنى إسرائيل اهل كل اربعة أبيات فى بيت ثم اذبحوا أولاد الضأن فاضربوا بدمائها على أبوابكم فانى سامر الملائكة فلا تدخل بيننا على بابه دم وسامرها فيقتل أبكار ال فرعون من أنفسهم وأموالهم. ثم اخبزوا خبزا فطيرا فانه اسرع لكم ثم اسر بعبادي حتى تنتهى الى البحر فيأتيك امرى ففعل ذلك فلمّا أصبحوا قالوا لفرعون «اى طرى قريب حديث العمل- نهاية منه رح» هذا عمل موسى واتباعه قتلوا ابكارنا من أنفسنا وأموالنا فارسل فى اثره الف الف وخمس مائة الف ملك سود مع كل ملك الف وخرج فرعون فى الكرسي العظيم لكن قلت عدد جنوده بهذه للمثابة مما يستبعده العقل ولم يرو من النقل ما يوجب العلم به.
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ معطوف على محذوف تقديره فاسرى موسى قومه فبلغ الخبر فرعون وأراد ان يتبعهم فارسل فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يعنى الشرط ليحشروا اى ليجمعوا الجيش قلت لعله بعث ناسا ليجمعوا اهل المدائن المتصلة بمصر بحيث يمكن اجتماعهم فى تلك الليلة الى الصباح قائلا لهم.
إِنَّ هؤُلاءِ يعنى بنى إسرائيل لَشِرْذِمَةٌ بالكسر القليل من الناس كذا فى القاموس ثم أكده بقوله قَلِيلُونَ لاشعاره غاية القلة فهذه الاية تدل على بطلان ما روى انهم كانوا ست مائة وسبعين الفا وانما استقلهم بالاضافة الى جنوده على ما قيل فى عدد جنوده انه كانت مقدمته سبع مائة الف والساقة والجناحين والقلب على قياس ذلك فانه لا يجوزه العقل نظرا الى أجياد ملوك الأرض لا سيما ملك مصر. قلت لعل إيراد الشرذمة لبيان قلتهم بالنسبة الى جنود فرعون وإيراد قليلون لبيان قلتهم فى نفس الأمر.
وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ لنا متعلق بغائظون والمغني انهم اصحاب غيظ وعداوة لنا يعنى مبغضون لنا او المعنى انهم لفاعلون بنا ما يغيظنا.
وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ قرأ اهل الحجاز والبصرة حذرون وفرهين بغير الف ووافقهم هشام فى حذرون والباقون خاذرون وفارهين بالألف فيهما والاول للثبات والثاني للتجدد وهذا معنى ما قال الفراء الحاذر الذي يحذرك الان والحذر المخاوف وقيل حاذرون مؤدون مفوّون اى ذووا ازاءة وقوة اى مستعدون شاوا السلاح كذا قال الزجاج ومعنى حذرون خائفون مستيقظون اى غير غافلين.