ولا اذن وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة الّتي لا بد منها يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأذنه في اللحوق لحاجته فياذن له فاذا قضى به بشر فانزل الله تعالى.
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الآيات الى اخر السورة الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ من صميم قلوبهم دون من قالوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ... وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ وصف الأمر بالجامع مجازا للمبالغة والمراد على امر يقتضى ان يجمع الناس لذلك الأمر كحفر الخندق والمشاورة والجهاد ونحو ذلك كالجمعة والأعياد لَمْ يَذْهَبُوا اى لم يتفرقوا عنه ولم ينصرفوا عمّا اجتمعوا له من الأمر حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ اى الرسول صلى الله عليه وسلم فيأذن لهم ولا حاجة هاهنا الى القول بان المراد بالمؤمنين الكاملون لانه حكاية واخبار عن حال المؤمنين الموجودين في ذلك الوقت وما به كانوا يمتازون عن المنافقين وقد كانوا كلهم كاملين في الايمان وكان شأنهم ذلك دون المنافقين- ولما كان عدم التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع الشدة دليلا واضحا على صدق ايمانهم إعادة مؤكدا على اسلوب ابلغ فقال إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ لاجل ضرورة أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ بصميم قلوبهم يعنى ان المستأذن مؤمن لا محالة دون الذاهب بغير اذن فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ الّذي نابهم ودعاهم الى الانصراف فيه مبالغة وتضييق للامر يعنى لا ينبغى للمؤمنين ان يستأذنوا لكل ما نابهم من النوائب بل لبعض ضرورى منها لا بد له من الانصراف فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ قيد الأمر بالاذن بالمشية للدلالة على ان هذا امر للاباحة وليس للوجوب ولو كان الاذن بعد الاستئذان واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم بطل فائدة الاستئذان لانه لا يعجز أحد عن الاستيذان- وفيه دليل على ان بعض الاحكام كان مفوضا الى رأيه صلى الله عليه وسلم وكذا الى رأى الامام ومن منع ذلك قيد المشيّة بان