هو القران فانه كما يستضاء بالمصباح يهتدى بالقران والزجاجة قلب المؤمن والمشكوة فمه ولسانه والشجرة المباركة شجرة الوحى يكاد زيتها يضئ اى يكاد حجة القران يتضح وان لم يقرأ- يعنى القران نور من الله عزّ وجلّ لخلقه مع ما اقام لهم من الدلالات والاعلام قبل نزول القران فازدادوا بذلك نورا على نور- وقيل هو تمثيل للهدى الّذي دل عليه الآيات المبينات في جلاء مدلولها وظهور ما تضمنته من الهدى بالمشكاة المنعوتة- او تشبيه للهدى من حيث انه محفوف بظلمات أوهام الناس وخيالاتهم بالمصباح وانما دخل الكاف على المشكوة لاشتمالها عليه- او تمثيل لما منح الله على عباده من القوى الدراكة الخمس المترتبة الّتي ينط بها المعاش والمعاد وهى الحساسة الّتي يدرك المحسوسات بالحواس الخمس والخيالة الّتي تحفظ صور تلك المحسوسات لتعرضها على القوة العقلية متى شاءت- والعاقلة الّتي تدرك الحقائق الكلية والمتفكرة الّتي تؤلف المعقولات لتستنتج منها علم مالم يعلم والقوة القدسية الّتي يتجلى فيها لوائح الغيب واسرار الملكوت المختصة بالأنبياء والأولياء المعنيّة بقوله
تعالى وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا بالأشياء الخمسة المذكورة في الاية وهى المشكوة والزجاجة والمصباح والشجرة والزيت- فان الحساسة كالمشكوة لان لها محلها كالكوى ووجهها الى الظاهر لا يدرك ما وراءها واضاءتها بالمعقولات لا بالذات- والخيالية كالزجاجة في قبول صور المدركات من الجوانب وضبطها للانوار العقلية وانارتها بما يشتمل عليها من العاقلة- والعاقلة كالمصباح لاضاءتها بالإدراكات الكلية والمعارف الالهية- والمتفكرة كالشجرة المباركة لتأديتها الى ثمرات لا نهاية لها الزيتونة المثمرة للزيت الّذي هو مادة المصباح الّتي لا تكون شرقية ولا غربية لتجردها عن اللواحق الجسمية او لوقوعها بين الصور والمعاني متصرفة