فالاستفهام هاهنا ايضا للانكار يعنى لا تسئلهم اجرا حتى لا يؤمنوا بك مخافة الغرامة فخراج ربّك اى اجره وثوابه الّذي يعطيك في الاخرة- قرا حمزة والكسائي خراجا فخراج ربّك بالألف في الموضعين وقرأ ابن عامر بغير الف فيهما ومعناهما واحد وهو الاتاوة اى الجعل والاجر على العمل قال في القاموس الخرج الاتاوة كالخراج وقرأ الباقون أم تسئلهم خرجا بغير الف فخراج ربّك بالألف- قال البيضاوي الخرج بإزاء الدخل يقال لكل ما تخرجه الى غيرك والخراج غالب في الضربية الّتي يأخذها السلطان على الأرض- ففى هذه القراءة في اضافة الخراج الى الله اشعار بالكثرة واللزوم خَيْرٌ لسعته ودوامه ففيه مندوحة لك عن عطائهم هذه الجملة تعليل لنفى السؤال وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72) عطف على خراج ربّك خير او حال من ربك.
وَإِنَّكَ يا محمد لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) تشهد العقول السليمة على استقامته وعدم الاعوجاج فيه- بيّن الله سبحانه عدم الأسباب الموجبة لانكار دعوة النبي صلى الله عليه وسلم سوى كراهة الحق وقلة الفطنة- وذكر الداعي الى الايمان وهو كون المدعو اليه صراطا مستقيما مرغوبا لجميع العقلاء عامة وكونه شرفا لهم داعيا الى اسلام قريش خاصة فظهر ان انكارهم لم يكن الا لكراهة الحق عندهم عنادا او قلة تفطنهم ومبنى ذلك الشقاوة الازلية المكتوبة عليهم- فانهم كانوا عقلاء كانوا يدركون منافع الدنيا على ما ينبغى فعدم ادراكهم المنافع العاجلة والاجلة المؤبدة الخالصة عن شوب الكدر لم يكن الا لشقاوتهم وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ....
وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ المستقيم فان اللام للعهد لَناكِبُونَ (74) اى لمائلون لسوء استعدادهم فانهم خلقوا من ظلال الاسم المضل فلا يمكنهم الاهتداء الى الصراط المستقيم ويكرهون الحق بعد ظهوره.
وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ اى من عذاب أخذنا مترفيهم به سواء أريد به السيف يوم بدر كما قال به ابن عباس او الجوع كما قال به الضحاك وقد ذكرنا القولين فيما سبق-