باعجازه واخباره وقصصه انه ليس من كلام البشر.
أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أم منقطعة بمعنى بل والهمزة الّتي للانكار والمعنى بل لم يجئهم ما لم يأت آباءهم الأولين يعنى بل قد جاءهم ما اتى آباءهم إسماعيل عليه السّلام وأعقابه من الرسول والكتاب وقد كانت القريش يعترفون بنبوة ابراهيم وإسماعيل وفضلهما فمحمّد صلى الله عليه وسلم مثلهما ولا استحالة في ذلك.
أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ محمّدا صلى الله عليه وسلم- يعنى قد عرفوه صغيرا وكبيرا وعرفوا نسبه وأمانته وصدقه وحسن أخلاقه ووفاء عهوده وكمال علمه وأدبه من غير تعلم من البشر الى غير ذلك كذا قال ابن عباس فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) الفاء للسببيّة معطوف على لم يعرفوا وما عطف هو عليه- يعنى لا يجوز الإنكار الا بسبب أحد هذه الوجوه المذكورة ولم يوجد شيء منها بل قد تحقق أضدادها.
أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ أم هاهنا ايضا منقطعة والهمزة الّتي في ضمنها للردع والتوبيخ يعنى بل أيقولون انه مجنون وهم يعلمون انه أرجحهم عقلا واتقنهم نظرا لا ينسب الجنون الى مثله الا معاند او مجنون وجاز ان يكون أم في هذه المواضع متصلة معطوفة على ما دخل عليه همزة الاستفهام لنفى المفهوم المردد- وجملة افلم يدبروا مستأنفة كانّ السامع لمّا سمع قوله تعالى قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ قال ما سبب هذا النكوص والاستكبار والهجر إذا كان شيئا من هذه الأمور المذكورة وهى عدم تدبرهم في القرآن او عدم علمهم بإتيان النبي قبلهم او عدم معرفتهم امانة الرسول وصدقه وغير ذلك او زعمهم كونه مجنونا فقال الله في جوابه ليس شيء من هذه الأمور بَلْ سبب ذلك المكابرة والعناد حيث جاءَهُمْ محمّد صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ اى القول الثابت المتحقق الظاهر صدقه عقلا ونقلا لا يخفى صحته وحسنه على عاقل وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (70) الجملة حال من مفعول جاءهم يعنى جاءهم الحق وهم له كارهون عنادا وظلما لحب الرياسة واتباع الشهوات وتقليد الجهال