قد مر ذكره مشروحا في سورة الكهف هُمْ فِيها الضمير راجع الى فردوس وتأنيث الضمير لكونه اسما للجنة خالِدُونَ (11) لا يموتون فيها ولا يخرجون منها جملة مستأنفة روى احمد والترمذي والنسائي والحاكم عن عمر بن الخطاب قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انزل عليه الوحى سمع عند وجهه دوى كدوى النحل فانزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسرى عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولاتهنّا وأعطنا ولا تحرمنا واثرنا ولا تؤثر علينا وارضنا وارض عنا ثم قال انزل على عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ قد أفلح المؤمنون حتى ختم عشر آيات- قال النسائي منكر وصححه الحاكم وهذه الآية جامعة لابواب الخير كلها فان الله تعالى وصف المؤمنين بالخشوع في الصّلوة والمواظبة على الزكوة والاعراض عن اللغو والتجنب عن المحرمات وسائر ما يوجب المروة اجتنابه- فظهر انهم بلغوا الغاية على الطاعات البدنية والمالية والتطهر والتنزه للتجليات الذاتية والصفاتية والله اعلم-.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا جنس «1» الْإِنْسانَ او آدم عليه السّلام ولهذا جواب قسم محذوف والجملة معطوفة على قوله قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ فانه كان في ذكر الايمان واصناف العبادات والطاعات وهذه الجملة لبيان استحقاقه تعالى العبادة والطاعة وسبب وجوبها- فكانه قال وقد حق لهم ان يعبدونا ويوحدونا لانّا والله لقد خلقناهم مِنْ سُلالَةٍ اى خلاصة سلت من بين الكدر ومن للابتداء مِنْ طِينٍ (12) من للبيان اى سلالة هو طين صفة لسلالة- اى سلالة كائنة من طين سلت من وجه الأرض- وكان آدم من طين سلت من الأرض وسائر الناس من النطف الّتي هى من الاغذية الّتي هى من الأرض- وجاز ان يكون ظرفا لغوا متعلقا بمعنى سلالة لانها بمعنى مسلولة