كلّا ما يليق به ويدخل فريقا في الجنة وفريقا في السعير ادخلت كلمة ان على كل واحد من طرفى الجملة لمزيد التأكيد ثم أكده بقوله إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ عالم به بمراقب لاحواله فلا يجوز ان يجعل المسلمين كالمجرمين ولا بمنزلة المحقق من المبطل مع كمال علمه بظواهر احوال كل وبواطنها الم تر يعنى الم تعلم.
أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ من الملئكة وَمَنْ فِي الْأَرْضِ من الانس والجن يعنى المؤمنين منهم وكلمة من وان كان يعم المؤمن والكافر لكن خص منه الكافر بكلام مستقل وهو قوله تعالى وكثير حق عليهم العذاب فبقى المؤمنون مراد او انما فسرت هكذا لان كلمة من لذوى العقول ولما عطف عليه قوله وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ فان حقيقة العطف للمغائرة وحمل البيضاوي كلمة من على العموم وقال من يجوز ان تعم اولى العقل وغيرهم او على التغلب وقال اكثر المحققين ان من لا يعبر به عن غير الناطقين الا إذا جمع بينهم وبين غيرهم فعلى تقدير ارادة العموم قوله والشمس إلخ من قبيل عطف الخاص على العام أفردها بالذكر لشهرتها واستبعاد ذلك منها والمراد بالسجود عند المحدثين والعلماء المتقدمين الطاعة الاختيارية فان الجمادات وان كانت أمواتا عندنا لكن لها حيوة ما وهى مطيعة طاعة اختيارية لله تعالى قال الله تعالى قالتا اتينا طائعين وقال في وصف الحجارة وان منها لما يهبط من خشية الله وقال وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ان الجبل ينادى الجبل يا فلان هل مرّ بك أحد يذكر الله رواه الطبراني من حديث ابن مسعود قال البغوي هذا مذهب حسن موافق لقول اهل السنة وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مبتدأ وَكَثِيرٌ نكرير للاول تأكيدا ومبالغة في الكثرة وخبره حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ لعدم انخراطهم في الساجدين فهذا لجملة مخصصة بكلمة من مخرجة للكافرين من ان يرادوا بها وقيل كلمة من في قوله تعالى من في الأرض بمعنى ما للعموم والمراد بالسجود كون الممكنات كلها متسخرة لقدرته غير آبية