العقول في أجواف الرجال ومن شق الاسماع والابصار ومن ذلت الملائكة لملكه وقهر الجبارين لجبروته وقسم الأرزاق بحكمته في كلام كثير من اثار قدرته ذكرها لايوب فقال أيوب صغر شأنى وكل لسانى وعقلى ورائي وضعفت قوتى عن هذا الأمر الّذي تعرض لى- يا الهى قد علمت ان كل الّذي ذكرت صنع يديك وتدبير حكمتك وأعظم من ذلك واعجب لو شئت عملت لا يعجزك شى ولا يخفى عليك خافية- إذ لقينى البلاء يا الهى فتكلمت ولم املك وكان البلاء هو الّذي انطقنى فليت الأرض انشقت لى فذهبت فيها ولم أتكلم لشيء يسخط ربى وليتني متّ بغمى في أشد بلائي قبل ذلك انما تكلمت حين تكلمت لتعذرنى وسكتّ حين سكسّه لترحمنى- كلمة زلت منى فلن أعود قد وضعت يدى على فمى وعضضت على لسانى والصقت بالتراب خدى أعوذ بك اليوم منك- أستجيرك من جهد البلاء فاجرنى واستغيث بك من عقابك فاغثنى واستعين بك فاعنى وأتوكل عليك فاكفنى واعتصم بك فاعصمنى واستغفرك فاغفر لى فلن أعود بشيء تكرهه منى- قال الله تعالى نفذ فيك علمى وسبقت رحمتى غضبى فقد غفرت لك ورددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم لتكون لمن خلفك اية وتكون عبرة لاهل البلاء وعزا للصابرين- فاركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فيه شفاؤك- وقرّب عن أصحابك قربانا واستغفر لهم فانهم قد عصونى فيك- فركض برجله فانفجرت له عين فدخل فيها فاغتسل فاذهب الله كل ما كان به من البلاء ثم خرج فجلس فاقبلت امرأته تلتمسه في مضجعه فلم تجده فقامت كالوالهة مترددة- ثم قالت يا عبد الله هل لك علم بالرجل المبتلى الّذي كان هاهنا- قال نعم ومالى لا أعرفه فتبسم فقال انا هو فعرفته بمضحكه فاعتنقته- قال ابن عباس فو الّذي نفس عبد الله بيده ما فارقته من عناقه حتى مر بهما كل مال لهما وولد فذلك قوله تعالى وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي اى بانى مَسَّنِيَ قرا حمزة بإسكان الياء والباقون بفتحها الضُّرُّ وهو سوء الحال في النفس او البدن او المال او الجاه وفي القاموس الضّرّ بالفتح ويضم ضد النفع او بالفتح مصدر وبالضم اسم قال البيضاوي بالفتح شائع في كل ضرر وبالضم خاص بما في النفس كمرض وهزال- واختلفوا في وقت ندائه والسبب الّذي قال لاجله أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وفي مدة بلائه- قال البغوي روى ابن شهاب عن انس يرفعه ان أيوب لبث في بلائه ثمانى عشرة سنة- وقال وهب لبث أيوب في البلاء ثلاث سنين لم يزد يوما- وقال كعب