[سورة الأنبياء (21) : آية 33]

فخلقها من النطفة فما معنى قول وجعلنا من الماء كل شيء قلنا لما كان الماء أعظم مواد بقاء الحيوان وأفرط احتياجه وانتفاعه بعينه فكانه خلق منه فضح ان يقال على سبيل التجويز خلقنا من الماء كل شيء حى وصيرناه منه كما قيل خلق الإنسان من عجل وخلق أيد من الكرم وجاز ان يقدر المضاف ويقال المعنى وجعلنا من الماء بقاء كل شيء حى وقال ابو العاليه واكثر المفسرين معنى الآية كل شيء حى فهو مخلوق من الماء اخرج احمد عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء خلق من الماء قلت يعنى من النطفة نظيره قوله تعالى والله خلق كل دابة من ماء فالمراد بالشيء على هذا التأويل الحيوان وبالكل الأكثر كما في قوله تعالى كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وجاز ان يراد بالماء مطلق الرطوبة الشاملة لنطفة الحيوان وما يتولد منه النباتات والحشرات والله اعلم أَفَلا يُؤْمِنُونَ الاستفهام للانكار والفاء للتعقيب يعنى بعد روية هذه الادلة القاطعة على وجود الصانع الواجب وجوده المتصف بصفات الكمال المتوحد في الذات والصفات لا يؤمنون به.

وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ جبالا رَواسِيَ ثوابت من رسا إذا ثبت أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ اى كراهة ان تميد بهم او لان لا تميد بهم فحذف ما حذف للامن من الالتباس وَجَعَلْنا فِيها اى في الأرض او في الرواسي فِجاجاً الفج الطريق الواسع بين الجبلين كذا في القاموس سُبُلًا جمع سبيل وهو الطريق وما وضح منه كذا في القاموس قدم فجاجا وهو وصف للسبيل لان فيه معنى الوسعة ليصير حالا من سبلا فيدل على انه حين خلقها كان كذلك او ليبدل منها سبلا فيدل ضمنا على انه خلقها ووسعها للسابلة مع ما فيه من التأكيد لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ الى مقاصدهم ومصالحهم.

وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً عن السقوط لقدرته من غير عمد او عن الفساد والانحلال الى الوقت المعلوم بمشيته او عن استراق السمع بالشهب وَهُمْ عَنْ آياتِها اى عن أحوالها وما خلق فيها من الشمس والقمر والكواكب الدالة على وجود الصانع ووحدته وكمال قدرته وتناهى حكمته مُعْرِضُونَ غير متفكرين فيه.

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بيان لبعض تلك الآيات كُلٌّ اى كل واحد فِي فَلَكٍ وهو مدار النجوم الّذي يضمها كذا في القاموس وهو في كلام العرب كل شيء مستدير وجمعه أفلاك ومنه فلك المغزل قال الحسن الفلك طاحوته كهيئة فلك المغزل يريد ان الّذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015