[سورة الأنبياء (21) : آية 18]

مفعول ثان لجعلنا كقوله جعلته علوّا حامضا- فان المعنى جعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود او صفة لحصيد او حال من ضميره.

وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (16) يعنى عابثين فاعلين فعلا عبثا باطلا بل خلقناها مشحونة بضروب البدائع تبصرة للناظرين وتذكرة للمعتبرين وتسبيبا لما ينتظم بامور المخلوقين في المعاش والمعاد فينبغى ان يتوصلوا بها الى تحصيل الكمال ولا يغتروا بزخارفها فانها سريعة الزول.

لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً قال ابن عباس في رواية عطاء اللهو المراءة وهو قول الحسن وقتادة وذلك ان الوطي سمى لهوا في اللغة والمرأة محل اللهو- وفي رواية الكلبي عن ابن عباس اللهو الولد وهو قول السدى فان المرء يلهو بالصغار اللاهين من أولاده- لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا اى من عندنا مما يليق بحضرتنا من المجردات وما يناسب فاتنا كما هو المعلوم ان الزوج والولد يكون لكل شيء من جنسه ولما كان ذاته تعالى بحيث لم يماثله شيء ولا يجانسه ولا يكافثه أحد- فاستحال ان يكون له زوج او ولد- وتعلق الارادة الّتي لا ينفك المراد منها بالمستحيل مستحيل- فامتنع تعلق الارادة به فامتنع اتخاذ الزوج والولد- وهذا ردّ لقول النصارى في المسيح وامه إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (17) شرط مستغنى عن الجزاء بما مضى يعنى ان كنّا فعلين اتخاذ اللهو لاتخذناه من لدنا لكنا لسنا فاعلين لكونه مستحيلا مناف للالوهية- وقال قتادة وابن جريج ومقاتل ان لنفى اى ما كنا فاعلين والجملة كالنتيجة لشرط.

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عطف على مضمون الكلام السابق يعنى لا نفعل اللهو والباطل بل نقذف بالحقّ اى نرمى بالحق بالآيات الدالّة على تنزيه الله تعالى من اتخاذ الصاحبة والوالد وكونه كفوا لاحد رميّا بعيدا عَلَى الْباطِلِ اى الكفر والكذب وذلك قولهم اتّخذ الله ولدا فَيَدْمَغُهُ اى يدمغه ويفنيه والدمغ كسر الرأس والدماغ المؤدى الى زهوق الروح- استعار الله سبحانه لاعدام الباطل بالحق واحقاق الحق وابطال الباطل فان القذف هو الرمي البعيد المستلزم لصلابة الموحى- والدمغ تصوير لابطال الباطل مبالغة بحيث لا يبقى من الباطل شيء فَإِذا هُوَ اى الباطل زاهِقٌ اى هالك ذاهب لا اثر له- فى القاموس زهق الباطل اى اضمحل والشيء بطل وهلك فهو زاهق- وقيل الزهوق ذهاب الروح ذكره لترشيح المجاز ولكم يا معشل لكفار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015