لم ير مثله قط- فخص يحيى بالسلامة في هذه المواطن- والظرف يعنى يوم ولد مع ما عطف عليه متعلق بالظرف المستقر اعنى عليه في سلام عليه فان قيل الظرف المستقر اما مقدر بحصل واستقر كما هو مذهب البصريين او بحاصل ومستقر كما هو مذهب الكوفيين وعلى التقديرين لا دلالة له الأعلى زمان واحد اما الماضي واما الحال فكيف يتصور ظرفية يوم ولد على التقدير الثاني والأخيرين على التقدير الاول قلنا المحققون على ان العامل في الظرف عامل معنوى وهو معنى الحصول والاستقرار من غير ملاحظة زمان ولهذا قالوا العامل في الحال في قوله زيد في الدار قائما عامل معنوى وانما يعبرونه بلفظ حصل او حاصل تجوزا كما يقال هذا زيد قائما تقديره أشير زيدا قائما فلا دلالة هاهنا على الزمان أصلا- فيجوز تعلق الظروف الزمانية الثلاثة من الماضي والحال والاستقبال به لاستشمام معنى الفعل منه- ولو سلمنا انه في الأصل متعلق بحصل او حاصل فبعد ما سد الظرف مسده وانتقل الضمير من المحذوف اليه انخلع الظرف عن معنى الزمان فجاز تعلق الظروف الثلاثة به-.
وَاذْكُرْ
عطف على مضمون الكلام السابق لان ما يذكر يذكر ليعلمه المخاطب وليحفظه فكانه متضمن لقوله اعلم هذه القصة واحفظه فالتقدير اعلم ذكر رحمة ربّك زكريّا واذكر فِي الْكِتابِ
اى في القران مَرْيَمَ
اى قصتها إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها
الظرف اما بدل من مريم بدل الاشتمال لان الوقت مشتمل على ما فيها- او بدل الكل لان المراد بمريم قصتها وبالظرف الأمر الواقع فيه وهما واحد او ظرف لمضاف مقدر وقيل إذ بمعنى ان المصدرية كقولك اكرمتك إذ لم تكرمنى فيكون بدلا لا محالة- اى اعتزلت وتباعدت منهم والنبذ إلقاء الشيء وهو يستلزم البعد مَكاناً شَرْقِيًّا
(16) اى مكانا في الدار مما يلى المشرق وكان يوما شاتيا فجلست في مشرقه تفلى رأسها وقيل كانت طهرت من الحيض فذهبت لتغسل- وقيل تخلّت للعبادة من البيت جانب المشرق قال الحسن ومن ثم اتخذ النصارى المشرق قبلة- ومكانا ظرف او مفعول به لان في انتبذت معنى أتت.
فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً
قال ابن عباس سترا وقيل جلست من وراء جدار وقال مقاتل وراء جبل وقال عكرمة ان مريم كانت تكون في المسجد فاذا حاضت تحولت الى بيت خالتها حتى إذا طهرت عادت في المسجد فبينما هى تغتسل من الحيض قد تجردت إذ عرض لها جبرئيل في صورة رجل شابّ امرد وضئ الوجه جعد الشاعر سوى الخلق كما قال الله تعالى فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا
يعنى جبرئيل عليه السلام أضاف