فقال ابو حنيفة يجب عليه أكله ولا يسعه ان يصبر كما لو اكره على أكل شيء مباح يجب عليه أكله فان صبر وقتل اثم لانه صار معاونا للمكره فى إتلاف نفسه بلا ضرورة وعن ابى يوسف انه لا يأثم وهو أصح قولى الشافعي لانه رخصة لا اباحة لان الحرمة قائمة فيكون أخذا بالعزيمة وقال ابو حنيفة حالة الاضطرار مستثناة بقوله إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وهو تكلم بالباقي بعد الثّنيا فلا محرم فكان اباحة لا رخصة فصار الميتة حينئذ مباحا كالزكية بخلاف أكل مال الغير فانه لو صبر ولم يأكل حتّى قتل كان ماجورا اجماعا لان الحرمة هناك قائمة فمن هاهنا ظهران الإكراه لا يزيل الخطاب حتّى يباح مرة ويفترض ويحرم اخرى فلاجل ذلك قال ابو حنيفة رحمه الله كل تصرف ينسحب حكمه على التلفظ ولا يتوقف على الرضاء يترتب عليه حكمه ان فعل مكرها وهى عشرة تصرفات النكاح والطلاق والرجعة والإيلاء والفيء والظهار والعتاق والعفو عن القصاص واليمين والنذر وبه قال الشعبي والنخعي والثوري- وقال مالك والشافعي واحمد لا يترتب الحكم على شيء من تصرفات المكره محتجين بحديث عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لاطلاق ولاعتاق فى إغلاق- رواه احمد وابو داود وابن ماجة والحاكم وابن الجوزي وابو يعلى والبيهقي من طريق صفية بنت عثمان عن شيبة عنها صححه الحاكم وفى اسناده محمّد بن عبيد المكي ضعفه ابو حاتم الرازي- وجه الاحتجاج انه قال ابن الجوزي قال قتيبة الاغلاق الإكراه على الطلاق والعتاق وهو من أغلقت الباب كانّ المكره اغلق حتّى يفعل قال الحافظ وهو قول الخطابي وابن السيد- ويرد عليه ان فى تفسير الاغلاق اختلافا فقد قيل كما ذكر ابن الجوزي وقيل الاغلاق الجنون فان المجنون مستور عليه كانه اغلق عليه- وقيل الغضب وقع ذلك فى سنن ابى داود وكذا فسره احمد لكن تفسيره بالغضب غير مرضى رده ابن السيد وقال لو كان كذلك لم يقع على أحد طلاق لان أحدا لا يطلق حتّى يغضب- وبحديث الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله عزّ وجلّ غفر لكم عن الخطاء والنسيان وما استكرهتم عليه- رواه ابن الجوزي ولا يجوز الاحتجاج بهذا الحديث فى هذه المسألة لانه لا يدل الا على مغفرة ما فعله مكرها من المعاصي ولا يدل على عدم ترتب الاحكام الدنيوية على ما فعله مكرها- وقد يحتج فى المسألة