[سورة النحل (16) : آية 69]

للعسل بيتا تشبيها ببناء الإنسان لما فيه من حسن الصنعة وصحة القسمة الّتي لا يقوى عليها حذاق المهندسين ولعل ذكره للتنبيه على ذلك.

ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ اللام للجنس اى من كل ثمرة تشتهيها وتتيسر لها مرها وحلوها وليس معنى الكل الاستغراق فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ يعنى كونى سالكة فى الطرق الّتي ألهمك ربك وأفهمك فى عمل العسل او إذا أكلت الثمار فى المواضع البعيدة من بيوتك فاسلكى راجعة الى بيوتك سبل ربك لا تضلينى او فاسلكى يعنى ادخلى ما أكلت فى مسالك الّتي يستحيل فيها بقدرته النّور عسلا من اجوافك ذُلُلًا جمع ذلول حال من السبل اى مذلّلة ذلّلها الله وسهلها لك او حال من الضمير فى اسلكى يعنى فاسلكى أنت منقادة لامر ربك- ويقال ان أربابها ينقلونها من مكان الى مكان ولها يعسوب إذا وقف وقفت وإذا سار سارت يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها فيه التفات من الخطاب الى الغيبة كانه عدل به عن خطاب النحل الى خطاب الناس لانه محل الانعام عليهم والمقصود من خلق النحل والهامة انتفاعهم شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ابيض واحمر واصفر واخضر فِيهِ اى فى ذلك الشراب شِفاءٌ لِلنَّاسِ وقال مجاهد فيه اى فى القران شفاء والظاهر هو الاول ولفظ الاية يشعر ان فى العسل شفاء ولو فى الجملة ولو فى بعض الأمراض لكونها نكرة وسياق الكلام يقتضى نوعا من التعميم والا فما من شيء من الأشياء الا وفيه شفاء لبعض الأمراض حتّى السموم فانها تستعمل فى الادوية فيقال التنوين للتعظيم والمعنى فيه شفاء عظيم للناس يعنى فى اكثر الأمراض واكثر الأوقات ويؤيده حديث ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالشفاءين العسل والقران رواه ابن ماجة والحاكم بسند صحيح فان هذا الحديث يدل على كونه شفاء غالبا- وذكر البغوي قول ابن مسعود ان العسل شفاء من كل داء والقران شفاء لما فى الصدور فكانّه فهم ابن مسعود من الحديث المرفوع التعميم فقال البيضاوي ان العسل شفاء اما بنفسه كما فى الأمراض البلغمية او مع غيره كما فى سائر الأمراض إذ قل ما يكون معجون الا والعسل جزء منه- وما فى الصحيحين عن ابى سعيد الخدري انه جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015