[سورة النحل (16) : آية 67]

البغوي قال ابن عباس رضى الله عنهما إذا أكلت الدابة العلف فاستقر فى كرشها وطحنته فكان أسفله الفرث وأوسطه اللبن وأعلاه الدم- والكبد مسلطة عليها يقسمها بتدبير الله فيجرى الدم فى العروق واللبن فى الضروع ويبقى الفرث كما هو- قال البيضاوي لعل المراد ان أوسطه تكون مادة اللبن وأعلاه مادة الدم الّذي يغذى البدن- وقال الكبد يجذب صفاوة الطعام المنهضم فى الكرش ويبقى ثفله ثم يمسكها ثم يهضمها هضما ثانيا فيحدث اخلاط اربعة معها مائية- فيميز القوة المميزة المائية بما زاد على قدر الحاجة فيدفعها الى الكلية والمرارة والطحال- ثم يوزع الباقي على الأعضاء فيجرى الى كل حقه على ما يليق به بتقدير الحكيم العليم- ثم ان كان الحيوان أنثى زاد أخلاطها على قدر غذائها لاستيلاء البرودة والرطوبة على المزاج فيندفع الزائد اولا الى الرحم لاجل الجنين- فاذا انفصل انصبت ذلك الزائد او بعضه الى الضروع فيبيض بمجاورة لحومها العذبة البيض فيصير لبنا- ومن تدبر صنع الله تعالى فى احداث الاخلاط والألبان واعداد مقارّها ومجاريها والأسباب المولدة لها والقوى المتصرفة فيها كل وقت على ما يليق اضطر الى الإقرار بكمال حكمته وتناهى رحمته- ومن الاولى تبعيضية لان اللبن بعض ما فى بطونها- والثانية ابتدائية كقولك سقيت من الحوض لان بين الفرث والدم المحل الّذي يبتدا منه الاسقاء وهى متعلقة بنسقيكم او حال من لبنا قدمت عليه لتنكيره والتنبيه على انه موضع العبرة-.

وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ اى عصيرهما متعلق بمحذوف اى ونسقيكم من ثمرات النخيل والأعناب وقوله تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً استيناف لبيان الاسقاء او هو متعلق بتتخذون ومنه تكرير الظرف تأكيدا- او من ثمرات النخيل خبر لمحذوف صفته تتخذون تقديره ومن ثمرات النخيل والأعناب ثم تتخذون منه- وتذكير الضمير على الوجهين الأولين لانه للمضاف المحذوف الّذي هو العصير او لان الثمرات بمعنى الثمر- والسّكر اسم لما يكون منه السّكر او هو مصدر سمى به الخمر- قال فى القاموس سكر كفرح سكرا وسكرا وسكرا وسكرا وسكرانا نقيض صحا والسّكر محركة الخمر ونبيذ يتخذ من التمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015