حينئذ اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه.
وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى اى بولادة الأنثى له ظَلَّ وَجْهُهُ اى صار دوام النهار كله فان النهار زمان الاغتمام والسرور لاجل المذاكرة واختلاط الناس واما الليل فزمان النوم والغفلة مُسْوَدًّا من الكآبة والحياء من الناس واسوداد الوجه كناية عن الاغتمام وَهُوَ كَظِيمٌ (58) ممتلى حزنا وغيظا فهو يكظمه اى يمسكه ولا يظهره.
يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ اى يستخفى من قومه مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ اى من أجل سوء المبشر به مترددا فيما يفعل به أَيُمْسِكُهُ اى يبقيه حيّا عَلى هُونٍ ذل أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أم يخفيه فيه ويدفنه وتذكير الضمير نظرا الى لفظة ما- قال البغوي ان مضر وخزاعة وتميما كانوا يدفنون البنات احياء خوفا من الفقر عليهن وطمع غير الأكفاء فيهن- وكان الرجل من العرب إذا ولدت له بنت وأراد ان يستحييها ألبسها جبة من صوف او شعر ترعى له الإبل والغنم فى البادية- وإذا أراد ان يقتلها تركها حتّى إذا صارت سداسية قال لامها زيّنها حتّى اذهب بها الى اجمائها وقد حفر لها بئرا فى الصحراء فاذا بلغ بها البئر قال لها انظري الى هذا البئر فيدفعها من خلفها فى البئر ثم يهيل على راسها التراب حتّى يستوى البئر بالأرض- وكان صعصعة جد الفرزدق إذا أحس بشيء من ذلك وجّه الى والد البنت ابلا يحييها بذلك فقال الفرزدق مفتخرا
شعر
وجدي الّذي منع الوائدات ... فاحيا الوئيد فلم يؤد
أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (59) حيث يجعلون لمن هو متعال عن الولد أسوأ الفريقين ولا يختارون ذلك لانفسهم ويختارون لانفسهم الذكور نظيره قوله تعالى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى....
لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ اى الذين يصفون لله البنات مَثَلُ السَّوْءِ اى صفة السوء وهى الحاجة الى الولد لبقاء النسل بعد موته واستبقاء الذكور استظهارا بهم وكراهية الإناث ووأدهن خشية إملاق وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وهو الوجوب الذاتي والغنى المطلق وانه لا اله الا هو والاتصاف بجميع صفات الجلال والكمال من العلم والقدرة والبقاء وغيرها والتنزه عن صفات المخلوقين- قال ابن عباس مثل السوء النار ومثل الأعلى شهادة ان لا اله الا الله وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)