وقيل المراد بسجود الأشياء كلها ظهور اثر الصنع فيها بحيث يدعوا الغافلين الى السجود- والاولى ان يقال المراد بالسجود الطاعة والأشياء كلها مطيعة لله عز وجل من حيوان وجماد فانها وان كانت لا تعقل طواعا «1» عندنا لكنها عند الله تعالى مطيعة عاقلة غير خالية عن نوع من الحيوة- قال الله تعالى قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ- وقال الله تعالى وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ- وقال الله يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطت السماء وحق لها ان تأطّ- لكن على هذا التأويل الاية مخصوصة بما عد الكفار من الجن والانس فانها غير مطيعة قال الله تعالى فى اية السجدة فى سورة الحج وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ويدل على هذا التخصيص قوله تعالى وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (49) عن عبادته.
يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ اى يخافونه ان يرسل عليهم عذابا من فوقهم او يخافونه وهو فوقهم اى غالب عليهم بالقهر كقوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ- والجملة حال من الضمير المستكن فى لا يستكبرون او بيان له لان من خاف الله لا يستكبر عن عبادته وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (50) به من الطاعة ما يليق بهم فان هذه الصفات هو عدم الاستكبار والخوف وإتيان الأوامر لا توجد فى الكفار- اللهم الا ان يقال ان كان المراد بالسجود الانقياد العام او ظهور اثر الصنع بحيث يدعوا الى السجود- كان قوله وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ الى آخره بيانا لحال الملائكة خاصة والله اعلم- عن ابى ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى ارى ما لا ترون واسمع ما لا تسمعون أطت السماء أطا وحق لها ان تأطّ والّذي نفسى بيده ما فيها موضع اربعة أصابع الا وملك واضع جبهته ساجدا لله ولو الله لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرشات ولخرجتم الى الصعدات تجئرون الى الله- قال ابو ذر يا ليتنى كنت شجرة تعضد- رواه احمد والترمذي وابن ماجة والبغوي-.
وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ ذكر العدد مع ان المعدود يدل عليه دلالة على ان مساق النهى اليه او ايماء بان الاثنينية ينافى الالوهية كما ذكر الواحد فى قوله إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ للدلالة على ان المقصود اثبات الوحدانية دون الالهية والتنبيه على ان الوحدة من لوازم الالهية فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) فيه التفات