[سورة إبراهيم (14) : آية 35]

شكرا- وسمى المؤمنين شكورا لاجل اعترافهم بذلك ومن لم يعترف بذلك قال فى حقه إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ يشكو ربه فى الشدة والبلاء ويجزع- ولا يصبر ولا يعلم ان ما أصابه أصابه من جواد كريم رحيم حكيم لا يكون الّا «1» لحكمة وان لم تدرك حكمته كَفَّارٌ (34) شديد الكفر ان فى النعمة والرخاء فهذا نقيض ما قال فى المؤمنين صبّار شكور فان الكفّار ضد الشّكور صراحة- والظلوم ضد للصبار دلالة- فان الظلم وضع الشيء فى غير موضعه- والبلاء موضع للصبر وضع الشكاية والجزع مقامه ظلم- وقيل ظلوم على نفسه بالمعصية فيعرضها للعذاب فى الاخرة والدنيا- او يظلم نفسه بترك الشكر فيعرضها للحرمان- او يظلم النعمة باغفال شكرها- او يظلم يعنى يضع الشكر فى غير موضعه فيشكر غير من أنعم عليه- قال الله تعالى انى والجن والانس فى نبا عظيم اخلق ويعبد غيرى وارزق ويشكر غيرى- رواه الحاكم والبيهقي عن ابى الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ يعنى مكة آمِناً اى ذا أمن لمن فيها فالمسئول من هذا القول ازالة الخوف وجعل مكة أمنا- واما فى قوله تعالى اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً جعل تلك الوادي بلدا من البلاد الامنة وَاجْنُبْنِي بعّدنى وَبَنِيَّ من أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (35) اى اجعلنا منها فى جانب- وفيه دليل على ان عصمة الأنبياء بتوفيق الله تعالى وحفظه إياهم ولفظ بنىّ لا يشتمل الأحفاد وإطلاقها على ما يعم الأحفاد فى قوله تعالى يا بَنِي آدَمَ ... - يا بَنِي إِسْرائِيلَ من قبيل عموم المجاز فلا يشكل بانه قد عبد كثير من أولاد إسماعيل عليه السلام الأصنام- واخرج ابن ابى حاتم عن ابن عيينة ان أولاد إسماعيل لم يعبدوا الصنم محتجا بهذه الاية- وقال انما كانت لهم حجارة يدورون بها ويسمون الدوار- ويقولون البيت حجر فحيثما نصبنا حجرا فهو بمنزلته- وزاد فى الدر المنثور قيل وكيف لم يدخل ولد إسحاق وسائر ولد ابراهيم عليه السلام- قال لانه دعا لاهل هذه البلدان لا يعبدوا إذ أسكنهم وقال اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً- ولم يدع لجميع البلدان بذلك- قال وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ فيه وقد خص اهله- وقال رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي- وقول ابن عيينة هذا مردود بالكتاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015